كتبت_ نيره مصباح
من الذي أدخل الذهب و الحرير إلي المعبد؟ و لماذا سمحنا بذلك؟ و كيف لازلنا نصلي فيه بالرغم من كل هذ التناقض الذي يملأ الجدران و المقاعد و السجاجيد و الكهنة و المشايخ و المصلين؟ كيف تحول صليب المسيح الخشبي القاسي البارد إلي صليب ذهبي ضخم و مهيب يزين عنق القس السمين؟ كيف!
هل انتهي الاسلام من تحرير بلال و أصبحت مهمته الآن تختين البنت؟ كم من ليلة قضاها محمد يفكر في أمر حرية العبد المسلوبة و يبكي رضيعة وئيدت حية، فبعث إليه ربه بجبريل يقول له: اقرأ، حرر، ساعد، ابني، ابكي، حب، و ازرع.. و فكر! كيف تحولت أمة اقرأ إلي أمة لا تقرأ؟ و كيف أصبحت تستعذب صلب المفكرين و المبدعين؟
أنا أدين بدين الأطفال. الأطفال يدركون الرب كما لا ندركه نحن. الأطفال ينافقون الأب و الأم و المدرسات و المدرسين، لكنهم حين يخاطبون الله يتركون النفاق بعيدا، يحدثونه من القلب، يروون له أشياء، يشكون له مظالم، يأخذون رأيه في بعض الأمور، و يعاتبونه أحيانا. هم يدركون بفطرتهم أن الرب بصفته رب، يعرف كل شيء عن أي شيء، و بالتالي من الحماقة و العبث أن تنافق ربا يدري كل ما بداخلك، لكنهم سرعان ما يكبرون و يتعلمون أن نفاق الرب شيء عادي جدا و طبيعي، و أنه لا بأس أبدا في أن تنافق الرب كما تنافق مديرك أو حماتك!
بعيدا عن المدينة، و صخب المدينة، و ذهب المدينة، و "كروش" المدينة، و نفاق المدينة، و التناقض الذي يطل من "شبابيك" و عيون المدينة، بنيت معبدي من الطين بمساعدة مجموعة من الأطفال المتحمسين. جلسنا في المساء نصنع الصلبان من الأخشاب و الورق، اقترح أحدهم "لماذا لا نقوم الآن بتلوين الصلبان؟" بدت الفكرة ساذجة لكن ذلك لم يكن سببا كافيا لعدم تنفيذها، بمنتهي الهمة، فرشنا السجاجيد علي الأرض، و علقنا السبح و الصلبان الملونة علي الحوائط، رأينا رجلا مسنا بالي الملبس يطعم كلبا، ذهبنا إليه و سألناه "تري هل بامكانك أن تؤمنا في صلاة الجمعة و تقودنا في صلوات أيام الآحاد؟" ربط علي الكلب وابتسم فبدي فمه خالي من الأسنان ثم قال "بكل ممنونية".
علقنا علي مدخل المعبد ورقة "اخلع عنك نعليك و نفاقك ثم أدخل.. ملحوظة: المعبد يرحب بكل السادة الزوار من ساكني الشارع، يوجد عدد كاف من الوسائد".
في نهار الأحد انطلقنا نحو المعبد بصحبة شيخنا و قديسنا الرجل المسن عديم الأسنان، دخلنا المعبد فوجدنا مجموعة من الأطفال نائمين. صرفنا الشيخ خارجا، و قال "لا صلاة الآن، علي الرب أن ينتظر قليلا. أي صلاة تلك التي تقام علي حساب راحة الأطفال!"
ساحة النقاش