كتبت :مريم هشام
الحب.. هو شعور مبالغ فيه. هو غباء في حد ذاته.. غباء ممن يحب في الأساس...
الحب هو مجرد خيبات أمل متتابعة، هو الإحباط في كل مرة لا يتواجد فيها، و طارق ما هو إلا صورة حقيرة من الله، الفرق الوحيد هو أنه لم يدّعٍ الألوهية. كان الغباء مني أنا من البداية
لماذا أتوقع أن يمنحني الجنة؟ و أن "الله يحبك"؟
لماذا كلاهما ليسوا هنا في أشد وقت تحتاجهما إليه؟
أكرههم.. و أكره إدّعائهم لأني شخص مهم و أن أمري يعنيهم.. و أن الله له يد خفية تقود لك محاسن الدنيا إذا أنت آمنت به. لا يوجد غير تلك اليد التي تصفعك الصفعة تلو الأخرى، و أنا إمتلأت أفكاري بالكدمات.. كدمة لكل صفعة. و صفعة لكل حلم وردي. و حلم وردي لكل مرّة توهمت أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة..
طبعاً هي دراما محفوظة و مكررة أن أكفر بكل شيء و أنا في أضعف مواضعي، أن أشعر بأن كل ما أؤمن به وهم.. و أن أكفر بالله و ألعن الأقدار لما يحدث لي.
لكن هذا ليس هو الوضع..
أنا أكرهه لأنه ليس هنا.. و أكرهه لكل مكالمة أتت و لم تكن هو، و أكرهه لأنه يضحك!
هل تخيل لك مثلاً أنك حين تضحك تضحكني؟ بل أنا أضيق بضحكك في العموم.. و أضيق بردّك علي أفكاري السوداوية بسخرية.. أضيق بسخريتك مما لا يصح السخرية منه.
-لكن الحياة نفسها ما هي إلا سخرية الأقدار مننا.
-ربما، و لكن إذاً نحن لا يصح أن نسخر من بعضنا البعض، الحق أن نسخر من أقدارنا.. و ليس من أنفسنا!
-خلاص يا ستي أنا غلطان، ما أنا إلا خيال في الأساس! فعلام تلومينني و كل ما أنا عليه هو من رسمك؟
-ألومك لأنك أنت، و لأن وجودك بهذا الفشل يلعن تفكيري الغبي الفاشل! أنت لست في الحقيقة أنت! أنت مجرد وهم.. وهم لا غير. أنت العدم.. و أنا المجنونة التي تعبت من الوقوف فرسمت في خيالها حائط متين، يدعوها-و هو من خيالها!- إلي الإتّكاء عليه. و ليس أغبى من ذلك بالطبع سوى أنها فعلاً إتكأت عليه! و هي تعلم أنه ليس هنا.
-بل و تلومينه على أنه ليس هنا!
-أه والله.. أه والله.
لا أجد ما أكتب عنه سوى كوني متضررة من اضطهادي، لكوني علمياً فاشلة، و أخلاقياً سافلة، و دينياً كافرة!
أنا لا أكفر إلا بنفسي!
و لا أفجر إلا في رأسي!
ولا أفشل أبداً.. لأني لا أفعل شيئاً من الأساس.
لن أتراجع عن ما قلت.. لم أقل إلا ما كنت أؤمن به. لم يكن هذا كلاماً بدافع الغضب، بل كان أعمق ما أشعر به من ألم و لم أجرؤ على التلفظ به في حالتي السليمة المتزنة..
-أها! إذاً تعترفين أنك الآن مختلة!
-عايز إيه بدين أمك دلوقتي؟
-مش عايز، و ماذا لي أن أعوز.. أنا منك.
-و فرحان أوي؟
-ليس وقت هذا الكلام الآن، لكن أحب أن أخبرك أنّك غير متزنة عاطفياً و عقلياً الآن.. و أن ما قلتيه كان بدافع عدم الإتزان.
حقي أن أنهار.. أو أن أتماسك
و لكني كلما تماسكت إبتعدوا.. يريدونني مطروحة أرضاً، ليواسونني. أو شامخة ! ليطرحونني أرضاً.
أعرف كيف أقتل كل ما يحب في.. أعرف كيف أتوقف عن انتظار مكالمتك أو انتظار يوماً يدرك فيه أبي أنّي إنسان.. و أنّي جديرة بأن يفهمني و يكسبني.
و أن يدرك أنه ما كاد يبدأ تغيري إلا و بدأ إختلافنا! كأننا لا نقبل ما لا نعرفه.. و كيف يقبل ذلك و أنا منه!
-طب مانا منك! كيف نختلف إذاً؟
-نختلف لأني أريد أن نختلف، نختلف لأن في إختلافنا أسمع منك ما أريد ألا أسمعه من أحد. و ما لا أستطيع تفادي سماعه إلا إذا سمعته أولاً منك.
ربما هو نفس السبب الذي يمنع أن يقبلني هو كما أنا، أو يفهمني.
ساحة النقاش