كتبت: هايدي احمد النشرتي

قطعت  جميع اوراق الكتاب لم يبقي الا ورقة واحدة... هل اقطعها هي الاخري.... ام سوف تذكرني بذكريات ماضي اليم  او مستقبل لا اعرف عنه شئ ... هل سوف تحلق في عقلي في كل مرة احاول انا انسي كل شئ ...... ترددت كثيرا في التفكير...ثم قطعتها ..... قطعت جميع اوراق كتابي..اخر شريان  يربطني بالحياة.... في الاصل لم اكن حية...

استيقظت علي صوت اخي يتكلم بصوت عالي فهكذا هو كل يوم..... فاخي ايضا جزء من الكتاب.....العائلة كلها... قطعتها مع اوراق الكتاب... ارتديت ملابسي للذهاب الي العمل...... الذي طالما لم احلم بيه يوما ....مكتب صغير في بهو واسع ....اجلس عليه بثمن ساعات...اركز في شاشة الكمبيوتر و التليفون لا اكثر و لا اقل ...مجرد سكرتيرة  طبيب......

مئات المرضي يتوافدون علي الطبيب..... انظر اليهم و اتملق وجوههم و افعالهم.... احوال ان اعرف في ماذا يفكرون و هم جالسون بالساعات لانتظار الطبيب الذي من المحتمل اعتذاره في اخر لحظة ...... احوال ان اتعرف علي ماهية الجلوس و الانتظار..... اشياء كثيرة تاخذ عقلي كل يوم مع اول مريض يجلس امامي.......اليوم مع اول الزيارات جاءت فتاة شابة مع والدتها التي تشكو من الام في ذراعها....جلسا امامي و كعادتي  اتملقها بنظري..... لكني شعرت باحساس غريب اتجاه هذه الفتاة.... في عيونها  كانت هناك  هذه اللمحة ....لمحة حزن دفينة كالتي اشعر بيها لم ترد احد ان يراها.... تمنيت ان اجلس معها و نتكلم بساعات.....كل ذالك و ان  جالسة امامها في عقلي الضيق.... دقائق تمضي  كساعات طويله الوقت لا يمر علي هذا المكتب  الملل ياكل حياتي لا يشعرني باي شئ غير اني اصبحت مدمنة  قهوة.... بعض لحظات  جاء شابين الي العيادة احداهم يشكو من  الم في ذراعه الايسر .....

جالسا الشابين علي الاريكة المقابلة للفتاة و والدتها..... و انا لظلت علي حالي اتملق المرضي.....

فجاة اصبح الشاب المريض لونه ازرق.... سند راسه علي الشاب الاخر.... اخذتني الصاعقة من منظره فذهبت اليهما.... لحظت ان الشاب لا يستطيع الكلام ...حولنا انا و الشاب الاخر مساعدته علي الوقوف للذهاب للطبيب في غرفته.... و لكنه وقع  علي الارض في حالة تشنجات صعبة..... لم اتمالق اعصابي ... الجميع في حالة ذهول مما يحدث امام اعينهم .... جاءوا جميع الاطباء في العيادة يحاولون انقاذه.... اتصلت بالاسعاف مرارا و تكرارا لم ترد.....

 اصبح الشاب كتلة زرقاء اللون... في وضع الجنين .... شخصه الطبيب بانها ازمة قلبيبة.....دقائق ...و انا واقفة في ذهول مما يحدث ...شخص مات امام عيناي في دقائق.....و جلست اخذ نفسي بعد هذه المصيبة .... هل جاء هذا  الشاب اليوم ليقول لي ان للحياة معني و ان هناك حياة واحدة و الموت قادم لا محالة.....

نظرت في الوشوش ....تغلغلت الي نفسي افكار غريبة... الموت هو شئ المؤكد الوحيد في حياتنا...  قررت فجاة ان  اراجع اوراق كتابي و شريان الحياة..... علي ان استيقظ من ملل الحياة و ادرك معناها الحقيقي .... جاءتني هذه الفكرة ان اكتب هذه القصة علي لسان الممرضة التي كانت جالسة  امامي عند الطبيب.... لما رايته في عيناها  يومها ..... شعرت انها هي بطلة القصة.... في الحقيقة انا هذه الفتاة التي جاءت مع والدتها .... امسكت يد امي  و اخفيت راسي  داخلها.... علي امل ان ادرك ما حدث امامي.... من الكرسي ....الي الارض....الي القبر ....الموت قد يجئ في لحظات .......

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1148 مشاهدة
نشرت فى 14 يناير 2014 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,028,765

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟