كتب: هاني كشك

أنا أتكلم وأنت أيضًا تتكلم فمن يستمع الى الاخر ؟

أطلق لخيالك العنان و حاول أن تتخيل العالم على هذا الشكل المؤسف بالتأكيد ستكون الحياة عبارة عن فوضى فالجميع يتكلم و لا أحد يسمع ..و الحوار اساسًا يقوم على فكرة تبادل المعرفة فكيف سنتبادل المعرفة في ظل هذا المناخ الغير مفيد ؟

يبدو الحوار الفوضوي كحلبة المصارعة التي يرغب فيها كل مصارع في فرض سيطرته بالقوة على المصارع الاخر فيظل يكيل له اللكمات و كلما كانت لكماته قوية كلما تألم المصارع الاخر و استسلم له وقد تكون هذة الطريقة في المصارعة هي الطريقة الوحيدة المناسبة للفوز لأن القوة هي التي تحكم الموقف وكذلك فلابد من إنتهاء الجولة بفائز فحالة التعادل مرفوضه في المصارعة اما الحوارت التي لايسمع فيها كل طرف الاخر فهي بمثابة طرق مسدودة و نهايتها الاحباط .

هذة عادة الحوارات الفاشلة التي لا فائدة منها و لا معنى لها إلا تأصيل فكرة أنني صاحب وجهة النظر السليمة و الرؤية الثاقبة طوال الوقت و الحقيقة انه لا يوجد شخص يملك القدرة على الاعتراف بأنه الوحيد الذي يملك الرؤية الكاملة و بالتالي فهو الوحيد الذي له حق الكلام .. و لكن يجب أن نعترف ان كل شخص منا يملك جزء منها و اننا نتحدث لكي نكمل الصورة فنراها واضحة فأنا أتكلم و أسمع و أنت ايضًا تتكلم و تسمع .

حتى لو كانت تلك الحوارات بين الاباء و الابناء فلا يظن طرف انه على الطريق الصحيح دون الاخر فالأباء يبنون شخصية ابنائهم بنصائحهم و الابناء يحتاجون الى خبرات ابائهم لأستكمال الطريق .. هكذا تكون الاستفادة فلا يطغى طرف على طرف من أجل الانتصار لوجهة نظر منقوصة.

احيانًا يظن الاباء أن على الابناء الانصياع الكامل لأرائهم دون مناقشة أو مجادلة وذلك لحقهم على أولادهم في الطاعة وأنهم ينقلون اليهم عصارة فكرهم و خلاصة تجاربهم ولكن الابناء يريدون خوض التجارب بأنفسهم لأن إكتساب الخبرة من الخطأ و الصواب تثبت الافكار و ترسخ شخصياتهم ... و الابناء أحيانًا يريدون إهدار كل ما هو قديم بحجة انه لا يتناسب مع العصر و متغيراته و الحقيقة أن النصائح هامة و أن المجتمع لا يتقدم بعنصر واحد فقط و لكن بكل عناصره و مكوناته .

 

و نصيحتي أن تسمع أكثر مما تتكلم و أن تكون اخر المتكلمين لتسمع الاخرين جيدًا فإذا وجدت الحوار كحلبة المصارعة فلا تتكلم و إن إستطعت فلا تسمع ايضًا فنهاية الحوار معروفة لن تقتنع بما يقوله الاخرين و لن تتعلم منه شيئا و لن تضيف الى شخصيتك اي جديد ... اما لو وجدت الحوار عقلاني فسارع و بادر الى الكلام و الاستماع فهذا يثري العقل و الروح و يسهم في بناء رأيك و الالمام بكل وجهات النظر و سيسهل لك عملية إتخاذ القرار. فقد تكون الرؤية لديك غير واضحة بسبب الضباب فينقشع الضباب بسبب إستماعك الى شخص اخر .. تعلم من الناس و استفيد من خبراتهم و اكتسب شخصية مرنة لأن هذا سيساعدك في الحياة.

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2101 مشاهدة
نشرت فى 6 فبراير 2014 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,130,269

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟