كتبت_نيرة مصباح

قلت له محاولة اخفاء لا مبالاتي: "أشكرك"

فتمتم وقد بدت عليه خيبة الأمل: "لماذا أراك فاترة الحماس؟ أولم تعجبك هديتي؟

- بلى، لكنني لا أحتفل بعيد الحب.

وأفترقنا، كل إلي منزله، و طرقت أحدث نفسي: "أولم يكن بامكانك افتعال بعض الحماس؟ ما ذنبه هو إن كنت لا تحتفلين بعيد الحب؟ ألا يكفي أنك لم تبتعي له شيئا؟”..

وتقابلنا في شم النسيم بناء علي الحاحي، جلست أنتظره بمحاذاة النيل و شاهدته يقبل علي حاملا إلي الربيع في ابتسامة شفتيه. عندما اقترب مني طرقت أتفحص كفيه، لكنهما كانا فارغين، تساءلت بابتسامة ساذجة تفترش وجهي: "أين هي؟ أين هديتي؟ هدية الربيع؟"

قال وقد امتلأ خجلا: "عذرا حبي، لكنني لم أسمع من قبل عن شيء يدعي هدية الربيع!”

فأعطيته أنا هديتي: ثمرتان تفاح، برتقالة، و ثمرة خوخ، بالاضافة إلي قصيص به نبات أخضر.. "هذه النبتة تدعي ليلي، هكذا أسميتها و أنا في طريقي إليك، لا بأس حقا إن كنت لم تبتع لي شيئا، يمكنك أن تصنع لي شيئا جميلا لاحقا، الربيع ممتد عدة أشهر كما تدري...".

قال هو في نبرة عدم ارتياح: "صحيح.. لكن كيف لي أن أسير حاملا هذا النبات هكذا؟ سوف أبدو أبلها."

في الذكري السنوية الأولي ليوم لقائنا بكيت. فعنفني قائلا " لماذا البكاء؟ أوليس من الأبدي بك أن تحتفلي و تشكري الله عز و جل علي نعمة دوام علاقتنا؟!" فقلت له و أنا أجفف دمعاتي " أوليس البكاء الصلاة؟"...

 وكان مساءا صيفيا، وقفت وهو علي أحد جسور القاهرة، صفحة النيل تحتنا بدت ساكنة ونقية كأنها مرآة تقف في ثبات منذ فجر التاريخ تعكس الوجوه والحكايات، فوقنا كان القمر بدرا كاملا يحتوينا بنوره بلا كلل أو ملل، مرت نسمة صيفية هادئة دغدغت مرآة النيل وداعبت وجه القمر، شيئ ما أوحي لي بكون تلك اللحظة تاريخية مما استدعي ضرورة تخليدها في البال والخاطر، مر شاب يبيع أطواق الفل، طلبت منه أن يشتري لي واحدا، أخذت أنا الطوق ووضعته في اعتزاز وحب حول عنقي، ابتسم و أخبرني بأنني أبدو بلهاء، و قلت أنا "بلهاء برائحة الفل". و أخبرته بأنني سأرتديه لأسبوع كامل.

"كيف لك الاستحمام بهذا الشيئ!؟"

"لن أستحم اذا"

 و تقابلنا في اليوم التالي، و كنت لا أزال محتفظة بالطوق حول عنقي، وكانت ورداته قد أصفرت وذبلت وتساقطت معظم وريقاتها،  ألمح لي بأنه لا داعي حقا للاحتفاظ به هكذا... وتقابلنا في اليوم الثالث كان الطوق قد تقلص إلي خيط رفيع يلتف حول عنقي بلا أي ورود،  قال لي " لديك صلابة واصرار طفل صغير"..  احتفظت بالخيط حول عنقي ليومين آخرين، خلعته بعدها بسبب ما سببه لي من حكة، ثم احتفظت به في خزانتي الخاصة.

 تشاجرنا يوما حول أشياء سخيفة و وجدتني أقول له " هذه ليست طريقتي في الحب"

" و ما هي اذا طريقتك في الحب؟"

" لا أدري"

" أخبريني اذا حين تدرين"

و ولاني ظهره و ابتعد عني.

 لم أره أو أهاتفه لأسبوع كامل. أفقت ذات صباح و نظرت لتاريخ اليوم فوجدته الرابع عشر من فبراير، أخذ رأسي يفكر، ثم تذكرت... "إنه عيد الحب !" و أرسلت له أن يقابلني في السادسة مساء، و ذهبت و ابتعت له عطرا ثمينا و ورودا حمراء طويلة ساذجة المنظر. في السادسة تقابلنا و أعطيته الورود و العطر.

" لم أبتع لك شيئا، ظننتك لا تحتفلين بعيد الحب!"

وسلمته بطاقة ( كانت حمراء أيضا) كتبت عليها " أعلم أنني لست شديدة الاتساق و لست شديدة الوضوح، لكنني أحبك بصدق، و هذه هي طريقتي في الحب؛ الصدق هو طريقتي في الحب".. 

shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1062 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2013 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,035,750

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟