كتبت : سارة مهران

 

أنظر إليّ فى المرآة،

ذاك الوجه الذي أعرفه جيداً ولا أعرف عما خلفه شيئاً،

ذاك الجسد الذي آذيته أنا عن عمدٍ كثيراً،

تلك العيون التي أذبلها البكاء،وأذهبُ ضياءها القلق،

وذاك الثغر الذي ما زال باسماً رغم كل شىء.

تفحصتني جيداً تفحصَ الغائب مُذ فترة،

وكأن عيناي قد اشتاقت إلي تفاصيلي كما أشتاقُ أنا إلي سماع صوت أنفاسي المتسارعة بفعلِ الوجع،

ولكن إن جئنا للحق،

فأنا كنت غائبة بالفعل عني.

كالعادة،

ابتعدتُ أنا عني منشغلة بالناس،

ليس العيبُ فيهم بل فيّ،

أنا التي أخشي الجلوس معي على انفراد،

أنا التي أخشاني كما كنت أخشي أمي عندما كنتُ طفلة،

تخشي العقاب،

ولكنني لم أكبرْ بعد بخصوص تلك النقطة،

فمازلت أخشي العقاب،

ذاك العقاب الذاتي الذي لا يضاهيه فى الألمِ عقاب.

حادثتني،

سألتني عما يدفعني إلي الهروب بين الناس عني،وألححتُ فى السؤالِ حتي توصلت إلي ذلك السبب اللعين الذي يقبع خلف أغلب تفاصيل حياتي مدمراً إياها حيناً ومعجزاً إيايّ عنها أحياناً أخري،

إنه الخوف لا غيره.

ذهبتُ إلي مكتبي بخطي واثقة مُهتدية،

تلك الخطي التي لا أخطوها إلا قليلاً،

انتزعت من عليه قلمِ جاف أكتب به نادراً،

ثم جلستُ على طرف السرير،

أمسكتُ بالقلمِ بعناية،

حاولتُ جاهدة أن أثبتّ يدي المرتعشة دوماً بفعلِ انفلاتِ أعصابي التي لا تهدأ،

ثم كتبتُ حروف اسمي علي ساعدي،

ورسمت قلباً بجانبه.

بعدما أنتهيت من إداء عملي نظرت إلي ساعدي بفخر،

فلكمّ أعشق ذاك الاسم بانحناءاته التي تظهرُ عند كتابته،

ثمّ ابتسمت ابتسامة رضا تنمّ عن اقتناع نفسي التي لا تقنعُ أبداً،

لربما اقتنعت رغبة فى سلامِ نفسي قد يبدأ بخطوة بسيطة كتلك.

من الآن فصاعداً،

لا سبيل إلي نسياني بين الناس مجدداً،

سأحاولُ تلك المرة جاهدة ألا أخلف الوعدَ،

وحتي إن نسيت،

ما عليّ سوي أن أنظر إلي ساعدي كي أراني عليه،

كي أتذكرُ أنني مهما حييت،

ليس لي،

 

إلا أنا.

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1236 مشاهدة
نشرت فى 14 فبراير 2014 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,478,386

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟