كتب_رحيم يسري
بخطوات متردده تتيه في ثنايا تجربه جامعية أولى، بدأ احمد عبد الله أولى ايامه الجامعية متنقلا بين كليات جامعة القاهرة العريقة وأسوارها وصولا إلى كلية الإعلام حيث يدرس الشاب العشريني بعامه الأول بالكلية التي طالما حلم بأن يحصل العلم على أحد مقاعدها، عبد الله القادم من أحد محافظات الوجه البحري بدأ حياته الجامعية بحثا عن أصدقاء جدد وربما ينطلق في حياة جامعية جديدة، إلا أنه ومع عامه الأول في الجامعة واجه معضلة أثناء رحلته للبحث عن صداقات جامعية جديدة، فلم يعد معيار الصداقة الأخلاق أو الصدق والتآلف والحب والدراسة أوالقواسم المشتركة، ولكنه وجد أنه لكي يجد صديقا في عامه الجامعي الأول يجب عليه وقبل كل شيء أن يبحث عن ميوله السياسية.
أحمد وغيره من الطلاب يواجهون المشكلة ذاتها ويحاولون التأقلم عليها برغم صعوبتها، فمنذ بداية العام الدراسي الجديد وبدء التواصل بين الطلاب والسؤال المعتاد بينهم في الجامعة قبل البدء في التعرف بالأسماء وتكوين الصداقات هو "انت سيسي ولا رابعه؟؟".. وعند مقابلة شخص جديد على سبيل التعارف واكتساب الصداقات يكون هذا السؤال أحد الاسئلة الرئيسيه التي تبرز شخصيتك!!، وتحدد إذا كانت علاقة الصداقة هذه ستستمر أم أنها قد تنتهي عند أبواب التعارف في أول لقاء.
وتحولت جامعة القاهرة إلى معسكرات مغلقة عقب فض اعتصام ميدان النهضة الذي استمر مدة طويلة امام الجامعة، فلو انك مؤيد لـ"رابعة" ستجد أن أفضل مكان يمكنك الجلوس فيه داخل الحرم الجامعي والبحث عن اصدقاء سيكون بالقرب من كلية دار علوم ولو أنك مؤيد للفريق المخالف ستجد أصحابك ويمكنك تكوين صداقات بالقرب من كليات الاعلام او التجاره، وإذا كنت محايد سيحاول الفريقين بالتأكيد التأثير عليك.
وهذا الانقسام اصبح داخل الكلية الواحده فتختلف طريقة التعامل بين الطلاب على حسب التوجه السياسي.. فيرفض أحمد عبد الله العمل في مجموعة مشتركة مع محمد فهمي زميله في نفس الدفعة لمجرد أنه مؤيد لـ"رابعه"، ويقول محمد: "إن التعامل "معهم" في الحياة اليومية أمر عادي فكلنا مصريين لكن الاشتراك والعمل في مجموعة واحدة "معهم" سيؤدي لفشلها بسبب التنازع اليومي بين الطلاب"، ويتابع: "الانقلابيون ومؤيدوهم لا يستمعوا للرأي الاخر ولا يمكن العمل معهم"، من جهته يرى سمير إبراهيم وهو طالب بكلية الطب بالجامعة ذاتها،: "أنه من الصعب الاتفاق مع بعض زملائه بالجامعة أو الكلية والعمل معهم في نفس المشروع لاختلافهم في وجهات النظر واختلاف الرؤى والانتماءات ولذا فهو يفضل العمل مع اقرانه ممن يؤمنون بنفس أفكاره".
ولم يقتصر الأمر على علاقات الصداقة والدراسة ولكن أيضا حالات الإعجاب والحب بين الشباب والبنات في الجامعة اصابتها سهام السياسة أيضا، فيرفض محمود جمال الكلام مع مروة حسين إحدى الطالبات "التي اعجب بها"، أو التعبير عن أجابه بها بعد اكتشافه أنها مؤيدة لفريق الـ"سيسي" أما مروة حسين فتقول: " لي اصدقاء كثيرين من مؤيدي رابعه ولكن العلاقة بينهم تقل يوما بعد يوم وأنه "من الصعب الاعجاب او الارتباط بشخص منهم" لأن اساس الحب أو الارتباط هو التوافق في وجهات النظر والميول"، وتابعت ساخرة "السيسي هو عريسي".
وكانت الجامعات المصرية ولازالت مؤشرا على الأوضاع السياسية في البلاد برغم منع العمل السياسي في الجامعة منذ سبعينيات القرن الماضي إلا أن معظم الطلاب على وعي سياسي ودرايه بالتغيرات و التطورات التي تحدث حولهم بل والمشاركة في الحياة السياسية بصورة قوية, وكانت فئة الطلاب أحد القوى الفاعلة في الثورة المصرية التي سميت بثورة الشباب، لكن بالتأكيد لم يكن هدف الثورة تدمير العلاقات الانسانية وعلاقات الصداقة بين الطلاب.
فأصبح من السهل جدا عندما ترى شخص ما ان تحدد من هيئته اذا ما كان (سيسي او رابعة)، فالكائن "السيسي" لا يعيش ولا يتعايش مع الكائن "الرابعة" فلكل منهم صفاته التي لا تتناسب مع الاخر . فتجد الكائن السيسي مبتسم دائما يشعر بالقوة و الانتصار يمشي مرفوع الرأس فخورا بنفسه , اما الرابعة بائس يتميز باللون الاصفر يشعر بالظلم و الاضطهاد و على قناعة انه المسار الحقيقي للثورة .!، وما بين هذا وذاك تظل السياسة محور انقسام باتت تخلق مشاحنات يومية بين الطلاب في بعض الحالات تصل الى قطع علاقات قديمة وإنهاء علاقات صداقة وحب بعد مناقشات سياسية حادة – تنتهي بالسب او المشاجرة في الغالب.
هكذا اصبح التعامل بين الطلاب - فتبادل الشتائم و تنظيم مظاهرات في نفس الوقت (تحتوي على اهانات ايضا من الطرفين) مشهد مألوف اعتاد عليه طلاب الجامعة.
ساحة النقاش