الفنان رضا أحمد فضل
كتب- محمد عجم:
"أنا لا أؤمن بالظروف، النجاح في الحياة يتحقق لمن يسعى للبحث عن الظروف التي يريدها، وإن لم يجدها يصنعها بنفسه".
مقولة لبرنارد شو عن التحدي، وهي نفسها لسان حال الفنان المصري الشاب رضا أحمد فضل، الذي صنع بنفسه ظروف نجاحه متحديا إعاقة في أطرافه، حيث اتجه إلى الرسم كهواية ثم احتراف.
رضا (32 عاما)، فاقد للكفين والساعد الأيمن، وعلى الرغم من ذلك لم يستسلم إلى لقب «ذوي الاحتياجات الخاصة»، ليبدأ منذ الصغر رحلة فنية وقودها الموهبة ومحركها الإرادة، تتوج حاليا بحصده لعدد من الجوائز الفنية، إلى جانب عمله معيدا جامعيا في تخصص التربية الفنية، مواصلا رحلته الفنية والأكاديمية التي لا تتوقف على حدود بعينها، حيث يتمنى الوصول بفنه إلى العالمية.
وعن رحلة التحدي، يقول رضا: "علمتني شقيقتي كيف أمسك بالقلم وعمري 5 سنوات، وعندما التحقت بالمرحلة الابتدائية كنت أتنافس مع زملائي الأسوياء على من يكتب جملة أو يرسم لوحة بشكل أفضل، كنت أجد متعة في دخول تحدٍ معهم لأثبت نفسي، كنت أحاول النظر للشيء وأرسمه، وفي هذه المرحلة كنت أحاول رسم شخصيات الأفلام الكارتونية؛ ولأنني أنتمي إلى قرية ريفية بمحافظة كفر الشيخ، كان صعبا أن يهتم أحد بالموهبة، فلا أحد يستوعب وجود فكرة معاق يرسم، ومع وصولي للمرحلة الإعدادية انتبه أحد مشرفي مركز شباب القرية لموهبتي فبدأ يشجعني، وكنت وقتها أرسم بالقلم الرصاص، ثم مع وصولي إلى المرحلة الثانوية أحضرت ألوان ماء وبدأت أتعلم الرسم بالفرشاة".
بدأ رضا في التقدم لمسابقات تنظمها جهات حكومية للطلائع، وفي السنة النهائية الثانوية تقدم لمسابقة نال فيها المركز الأول على مستوى مصر تحت عمر 18 عاما بعد أن نافس عشرات المواهب من الأسوياء.
عمل رضا بعد تخرجه مدرسا للتربية الفنية، وفي العام الماضي وفي أعقاب الثورة المصرية عين معيدا في كليته، بعد صدور قرار حكومي يخص تعيين أوائل الدفعات.
و يقول: "منذ يومي الأول وقت التحاقي بالكلية كان لدي نية لأن أكون أستاذا جامعيا في الرسم والتصوير، وهذا أملي، وحاليا أسعى لذلك فحاليا أنا في مرحلة الماجستير وسأنتهي منه قريبا، لأبدأ رحلتي نحو درجة الدكتوراه".
كما شارك خلال السنوات القليلة الماضية في الكثير من المعارض الجماعية التي تجمع إبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، استطاع فيها أن يلفت نظر النقاد والجمهور لموهبته، كان آخرها «صالون الفن الخاص لذوي الاحتياجات الخاصة» قبل أسابيع قليلة، والذي نال فيه المركز الأول عن عمله لوحة تعبر عن الثورة المصرية.
ونال خلال السنوات الماضية شهادات تقدير وميداليات، منها شهادة تميز من منظمة اليونيسيف، وميدالية بيت العرب من جامعة الدول العربية، كما تم تكريمه من الكثير من الشخصيات منهم الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، والأمير الوليد بن طلال، والرئيس المصري السابق حسني مبارك وقرينته.
وعن أسلوبه الفني وما يفضل إيصاله للجمهور، يقول رضا: "أفضل فن الغرافيك أو التحبير بالأبيض والأسود بقلم الرابيدو، حيث يعطي ميزة رسم الظل وهنا تكمن الصعوبة التي أحببتها، كما أنني أيضا أرسم بالزيت والأكريلك، ولا أخفي أن الدراسة الأكاديمية فتحت لي مجالات وأعطتني خلفية للتنوع الفني». موضحا أيضا أنه عمل في النحت بالطين الأسواني خلال الدراسة.
في رأي رضا أن ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر بينهم مواهب فنية ينتجون أعمالا فنية جيدة للغاية ينافسون بها الأسوياء، لكنها تظلم لعدم أخذ حقها في العرض، لذا فهو يأمل أن تتضمن معارض الفنانين الكبار أعمال بعض الفنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة كنوع من التبني الفني لهم.
ويستعد رضا حاليا لأول معرض فني خاص به، لكن طموحه الفني لا يتوقف عند ذلك، فيقول: «لدي أهداف أخطوها خطوة خطوة، فأنا أتمنى أن أكون فنانا معروفا ولي بصمة في الحركة الفنية والتشكيلية خاصة أن الفن كل يوم فيه الجديد، كما أتمنى أن أقوم بإيصال إبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة إلى العالم، وأن تكون أعمالنا معروفة ومعروضة للجميع وغير مهمشة».
ساحة النقاش