محمد عبد الفتاح

 مع ترسيخ الدستور المصري الجديد دورا أكبر للإسلام في القانون، تحولت معركة مقدم برامج ساخرة مع مجموعة الشيوخ المتشددين على شاشة التلفزيون إلى مناوشة مبكرة حول تطبيق الشريعة الإسلامية.

وخلال الفترة التي سبقت الاستفتاء على الدستور المدعوم من قبل الإسلاميين، شن الشيوخ على مدى أسابيع هجوما على المتظاهرين في شوارع القاهرة واصفين إياهم بالبلطجية والمنحرفين ومدمني المخدرات والمسيحيين. وعندما بدأ الكوميدي الشاب، باسم يوسف، في السخرية من الادعاءات الغريبة للشيوخ تحولوا إلى اتهامه بالانحراف الجنسي والجهل بأمور الدين.

وصفه أحدهم بـ«باسم سوستة»، وآخر بـ«الحقير الذي لا يعرف كيفية الاستنجاء».

كان باسم يوسف قد أثار غضب الشيوخ بعدما أعاد بث مقاطع لهم. وقال لجمهوره: «من يقولون لي أنت تهين المشايخ والعلماء أقول لهم (المعادلة بسيطة للغاية، كما أنكم لا تعتبروننا مسلمين، فنحن بدورنا لا نعتبركم شيوخا أو علماء)».

استغل باسم يوسف، الذي سار على نهج برنامج «ذا ديلي شو» الذي يقدمه «جون ستيوارت»، المحاكاة الساخرة للتأكيد على أن المتشددين المعروفين بالسلفيين يشوهون الإسلام، وحتى الآن تمكنت سخريته من الانتصار على نفاقهم. وفاز يوسف لا بضحكات جمهوره من الشباب بل بتأييد علماء المسلمين الأجلاء، حتى إنه نال اعتذارا من أحد منتقديه.

يقول الشيخ أحمد كريمة من جامعة الأزهر مدافعا عن يوسف: «إنهم يأخذون الشريعة مظلة لأعمالهم، ولكن ليس في كلامهم أو مزاعمهم شيء من الشريعة».

وزعم الشيخ الحبيب علي الجفري، الداعية الإسلامي المشهور عالميا، والمقيم في اليمن أنه: «إذا اجتمع أعداء الإسلام وحشدوا مصادرهم وقواهم، لم يضروا الإسلام كما أضره هؤلاء المشايخ، فقد أظهروا أن أخلاقهم الدنيا تعاليم إلهية».

لا أحد يمكن أن يدعي قدرة البرنامج الكوميدي الذي يعرض في وقت من الليل على أن يضعف الدعم الشعبي للسلفيين أو الإخوان المسلمين التيار الإسلامي الأكثر شعبية، والهدف الآخر ليوسف. لكن أثناء الحرب الكلامية بين يوسف والشيوخ، يشاهد الشباب على المقاهي في الأحياء الفقيرة التي تبعد عن القاهرة «البرنامج» ويضحكون، ويسعد الليبراليون، قائلين «إنهم وجدوا بطلا جديدا».

يقول حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، «نحن نؤكد على أننا ندافع عن ديننا فالإسلام لنا جميعا وليس مقصورا عليكم. ونحن كمسلمين نتأذى مما تقولونه، ولذا نحن ندافع عن ديننا بالسخرية منكم. وقد أجاد يوسف في استخدام الإيحاءات».

ويضيف، «يمكن عمل رسالة دكتوراه عن تناقضات الخطاب السلفي، ويمكن كتابة تقرير حقوقي عن خطابهم المتعصب، لكن لا شيء فعالا حقا مثل برنامج باسم يوسف».

تعثر باسم يوسف في السخرية، قرر جراح القلب الذي درس في الولايات المتحدة استغلال الحرية الإعلامية التي أعقبت سقوط الرئيس السابق حسني مبارك لبث برنامج ساخر على الإنترنت يسخر من الليبراليين والثوريين وكذلك من المحافظين والرجعيين. وسرعان ما تكالبت المحطات الفضائية الخاصة على احتضان البرنامج الذي كان يعرض على «يوتيوب» ويعرض الآن باسم «البرنامج». وظهر باسم ربيع العام الحالي كضيف إلى جوار ستيوارت في برنامج «ذا ديلي شو».

وخلال الصراع العنيف حول الدستور، أولى يوسف اهتماما خاصا لمن وصفهم بـ«تجار الدين»، في القنوات الإسلامية التي ازدادت جرأة هي الأخرى بعد مبارك.

وبعد ليلة من اشتباكات الاتحادية بين الإسلاميين والمعارضين، عرض يوسف بعض الفيديوهات لشيوخ يحاولون شيطنة المتظاهرين بالطريقة نفسها التي استخدمتها وسائل الإعلام في عهد مبارك ضد متظاهري التحرير، غير أن يوسف أشار إلى أن الإسلاميين كانوا أكثر ابتذالا.

فقال الشيخ جمال صابر السلفي المتشدد منسق حركة «حازمون»، واصفا المتظاهرين الذين كان يقيمون في الخيام خارج القصر الرئاسي «مجموعة من البلطجية والراقصات، أنت شاهدت بعينيك زجاجات الخمور التي كان يشربها - من يزعمون أنهم ثوار - والفحم المستخدم في تدخين الشيشة».

وفي فيديو آخر، استمع قيادي في الحركة السلفية إلى مكالمة من متصل تحدث فيها عن الاكتشافات الأكثر دناءة، وقال الشيخ السلفي شعبان محمود لمشاهديه إن أنصاره «وجدوا زجاجات لأنواع فاخرة من الخمور، ومطهرا يستعمل بعد الجماع لمنع الحمل»، كما تساءل المحامي الإخواني أشرف بدر الدين، «لماذا يحتفظ المعتصمون بواقٍ ذكري؟».

وقال آخرون إن المتظاهرين كانوا شواذ، وتحدث آخرون عن اكتشاف منشطات وأموال وإيصالات حوالات نقدية من دول الخليج التي تعادي الإسلاميين.

وقال باسم لمشاهديه ساخرا: «حتى الآن كان هؤلاء المتظاهرون يمتلكون المخدرات والفحم والشيشة والواقي الذكري والمال. إذن فكل ما كان ينقصهم هو راقصتين وخمسة رجال لافتتاح ملهى ليلي».

وعزف باسم ترانيم أعياد الميلاد على فيديوهات الشيوخ الذين نعتوا المتظاهرين بالمسيحيين.

وقال داعية إسلامي متشدد مقرب من جماعة الإخوان المسلمين أمام حشد من الإسلاميين في أحد الفيديوهات: «رسالة إلى الكنيسة المصرية، لا تتحالفوا مع بقايا النظام القديم. لن نسمح أن يكون 60 في المائة ممن حول القصر الرئاسي مسيحيين يهتفون ضد السلطة الشرعية».

وحث شيخ سلفي آخر، كان من الواضح أنه يتحدث في مسجد، على إعادة السيطرة على ميدان التحرير من المتظاهرين، وقال: «مهما كان عدد من يموتون أو يقتلون، والقاعدة معروفة: قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار».

وقال باسم «كي تصبح شهيدا فأنت بحاجة إلى كارنيه الحزب»، مبرزا كارنيه عضوية الذراع السياسي للإخوان المسلمين. وتساءل: «هل سيحدد كل فرد الطريق إلى جنة وفق معاييره؟».

لم يمض وقت طويل حتى كان باسم هدفا لانتقادات الشيوخ، حيث وصف الشيخ خالد عبد الله جمهور باسم بالصبية المأجورين من وسط البلد. أما نبيه الوحش الضيف الدائم على قنوات السلفيين التلفزيونية فقد وصف ضيوف الحلقات بأنهم «مجموعة من الشواذ والمنحرفين».

أما الشيخ أبو إسلام أحمد عبد الله، الذي يمتلك قناة فضائية خاصة به فقد انضم إلى الهجوم اللفظي على باسم بالقول: «نعم، نحن من قال لنا ربنا أن نبين للناس كيف يدخلون الجنة أو يدخلون النار»، وقال لباسم مقتبسا من القرآن الكريم ما يدعم هذه الإهانات، ثم أضاف: «القرآن نفسه لعن أمثال باسم يوسف».

لكن بعد انتقادات بقصر الإسلام على تبادل الإهانات مع الكوميدي الساخر، أعلن أحمد عبد الله عن أسفه وطالب باسم بمسامحته على فظاظته معه.

وفي محاولة واضحة للمزاح قدم أبو إسلام صورة تم التلاعب بها لباسم مرتديا النقاب. وقال أبو إسلام: «إن باسم ذو وجه جميل وينبغي عليه أن يرتدي النقاب»، وقال ضاحكا: «ينبغي أن تغطي عينيك».

وفي مواجهة هذا الثناء لم يعرف يوسف كيف يرد، وقال عبر حسابه على «تويتر»: «لقد أصبحت القضية صعبة للغاية».

 

shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1031 مشاهدة
نشرت فى 1 يناير 2013 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,477,894

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟