كتبت_ نيرة مصباح

أستأذن منه، أذهب لدورة المياه، أتفقد ذاتي في المرآة، أمسك بخصلات شعري، ألامس بأصابعي شفتي، أتفرج علي وجهي كثيرا، أدقق في ملامحه، اتفحص جسدي كاملا، و أفكر: ماذا يعجبه في؟ ماذا يري؟ عندما ينظر لي طويلا باعجاب يكاد يطل من عينيه، ماذا يكون يدور بخلده؟ أحدث نفسي أمام المرآة: لا، هو و لا شك ينافقني، فأنا لا أري شيئا يستدعي المغازلة أو الاعجاب..أعود له و رأسي مطأطأ، يعاود مغازلتي، لا أستجيب. خذلتني مرآتي فخذلته!
يقترب مني، ببطئ، كما يفعل أهل السينما، يلامسني بجسده، تتحرك يده قاصدة يدي، يفلح أخيرا في الامساك بها، يحتفظ بها كما تطبق الصغيرة يدها علي دميتها، يخبرني بأنه هكذا سعيد و هانئ، يخبرني بأن العالم صار أفضل، الآن فقط.. يخبرني بأن القمر بات أحلي و أن صرخات الأطفال توقفت للحظات. يقول و يقول، لكن ها أنا أتوقف عن سماعه، أتوقف حتي عن الشعور به. بدلا من مبادلة الحب بحب، يبقي عقلي الأحمق يفكر: لماذا تعطيه يدك؟ لماذا تسمحين له أن يقترب منك؟ ابعديه عنك. شعور بالذنب يسيطر علي مما يعيقني عن الاستمتاع أو الانجراف في الحب او حتي استقباله. أنفاسه، ينتفض لها جسدي بحق، فأنا أحبه، جدا، هذا ليس جرما. لماذا اذا أقاوم كل شيء؟ أصدر الأوامر لأذني: لا تستعذبا أنفاسه أو همساته، فيستجيبا علي مضد!

لم أقبله بعد، أجهضت كل محاولاته لتقبيلي حتي يأس. من أخاف؟ نفسي؟ أم.. الله؟ يعني.. هل يهتم الله حقا اذا قبلني حبيبي أو لم يفعل؟ أفكر كثيرا.. ماذا يشعر الله تجاه المحبين؟ تجاهنا؟

هل يحب الله المحبين؟

يمقتهم؟

يباركهم؟

يرسل عليهم لعناته؟

يتعاطف معهم؟

لا يعبأ بهم؟

هل يشفق عليهم؟

أم، يستعذب عذابهم؟

تركته ينظر لي، و نظرت أنا للسماء، أبحث عن الله، أوجه له أسئلتي، كعادته، لم يجيبني. ينصت الرب بقدر ما ينصت لكنه أبدا لا يجيب، يريدنا أن نتوصل للاجابات بمفردنا..كيف!

عندما نتقابل، يأتيني هو بمفرده، يحبني، بمفرده، يغازلني، يحدثني، ينصت لي، يملأ عينينه بجمالي، ينتشي بحبي و عطري و أنفاسي، حتي يصعد للسماء..بمفرده. عندما نتقابل يأتيني حبيبي بمفرده اما أنا فلا أكون أبدا وحدي! دائما أحمل فوق كتفي و في طيات وجهي و بين خصلات شعري، أحمل كل عقد الشرق: الحب حرام، البنت، العذرية، الفضيلة (لست أدري ما هي تحديدا)، المعروف و المنكر، العادات، التقاليد. عندما أقابله لا أكون أنا، أكون غارقة، في بحور من التيه، منهك جسدي كمن يركض طيلة عمره.

 لو فقط، أنسي كل ما بي، أتخلص من حمولي لو لساعة، أنام علي كتفه، بلا تفكير أو قلق أو عقد، فقط أضع أذني اليمني علي كتفه الأيسر و أنام. من المؤكد سأفيق بحال أفضل، سأفيق مدركة من أنا.. لكن كيف يحدث ذلك؟ المسافة بين رأسي و كتفه بعيدة جدا، بعد الله عن الأرض!

shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 766 مشاهدة
نشرت فى 24 ديسمبر 2013 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,035,772

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟