<!--

<!-- <!-- بقلم :رضوى عزمي

طال الصمت بينهما بضع دقائق , انتظرت أن يقطعه هو كالعادة , لم يفعل , قرر أن يصمد هذه المرة , أو رُبما الصدمةُ اخرسته , كان مُبكراً جداً على مواجهة كهذي , مواجهة كان يحسبها تأخرت ,  فلما كانت .. ندم على تعجله بها , رُبما لإنه أدرك أنها النهاية , رُبما لأنه قرأ في عينها أنها لن تُنكر , لن تتكلم , لن تفعل أي شئ لتنقذهما , أو بالأحرى لتنقذه هو !

وقفت تنتظره, تنتظر أن يغير سياق الحديث , أن يضحك مؤذِناً بإنهاء الاشتباك, أو أن يغضب حتى فيرحل و يتركها, لم تكُن تخيفها فكرة رحيله بقدر ما يخيفها اضطرارها الكشف عن ذاتها , فكرة أن يراها أحدهم عارية دون ثياب قوتها , أن تبوح لأحدهم بضعفها , لا .. لم تكُن تراه ضعفاً , كانت تراه واقعاً لا تملك الحكم عليه , ضعفٌ هو أو قوة , مرضٌ أم عرض , لا يهمها و لا تهمها المُسميات , المهم أنها منطقة محظورة لا يُسمح لأحد بالاقتراب منها , أياً كان هذا الأحد !

طال الصمتُ , و تلاشى أمله في أن تقطعه , فكر أن يقطعه هو و لو قطع معه أمر هذه العلاقة, لا يهمه, هو لم يكن يوماً ضعيفاً هكذا و لن يكون , هو كان كبيراً من قبلها , سعيداً معها , و سيعود كبيراً من بعدها , و لتذهب سعادته للجحيم إن كان ثمنها قوته ... تهيأ للحديث و بدأ ..

قررت أن تواجه هذه المرة , لا لأجله, بل لأجلها هي, كانت تثق أن تلك العلاقة وصلت لمحطة الفراق, ليس لمضمون المواجهة, ليس لإنه لن يوافق على الاستمرار, بل هي من ستُفارق حتى و لو لم يُفارق هو, هي التي لن تستمر في علاقة كُشفت فيها عورة ضعفها, هي لن تستمر مع شخصاً أصر أن يذلها و لم يرض بغير ذُلها بديلاً, هي تثق أنها لذكي فقط, يفهمها دون أن تتحدث, دون أن يطلب منها توضيحاً, دون أن تضطر أن تُبرر, كانت تحسبه كذلك ؛ و اتضح العكس , تهيأت للحديث و بدأت ..

هو : تمام ..
 هي : شوف ..

 ,
 لم يُتم أياً منهما حديثه , رأى كلاً منهما الآخر يتحدث فانتعشت آماله , هي أسعدها أنه سينتشلها من لحظة الذل هذي, هو أسعده أنها لن تهين قوته أكثر من ذلك , لم يدرِ أي منهما أن الآخر كان ينوي الانفصال منذ لحظات ..
هو (ضاحكاً_و لم يدرِ ما ستقول, و لو درى ما ضحك_) : اتفضلي ..
هي (نفس الضحكة الجاهلة) : اتفضل إنتَ ..
 عاد الصمت ؛ لم تسمح له أن يسود أكثر , قالت :
"تمام, بص يا سيدي, أنا مش.. "
أخرسها مزيج قوتها و دموعها , لن تسمح للوضع بأن يسوء أكثر , لن تسمح لنفسها أن تُذَّل أكثر , نظرت له لوهلة ,  ثُم أدرات ظهرها و رحلت ..


تفاءل بعدما رأى ضحكتها , ضحكتها تُعلمه دائماً أن الأمور بخير, لكن ضحكتها كذبت للمرة الأولى_ وفقاً لتعداده الخاطئ_ , ضحكتها كانت كابتسامة قائد لجنوده دلالةً على ساعة الصفر , لم تنفجر في وجهه , لم تعاتبه أو تقسو عليه, لم توضح له موقفها أو تبرره, فقط رأى دموعها فعلم أنه أخطأ , و رأى نظرتها تلك التي كادت تقتله بما تحمله من العتاب , همَّ باصلاح الأمور , همَّ بقطع الصمت كما يفعل دائماً و كما كانت تنتظر من البداية , لكنها .. أدرات ظهرها و رحلت ...

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 738 مشاهدة
نشرت فى 19 ديسمبر 2013 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,479,151

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟