..
بقلم رضوى عزمى
أتعلمين حبيبتي ما الحرية ؟ أثق أنك تعلمين , و كيف لا تعلمين ما أعلم و أنتِ معلمتي ؟! .. لكن تلميذكِ النجيب و حبيبكِ أبداً استنتج ما لم تقوليه , رُبما عرفتيه و لم تقوليه, دائماً أنتِ كذلك ؛ مذهلة بِما تبدين .. و ما تخفين أكبر ! ,
لكني أظنك لا تعلمين , ليس لجهلك _حاشاك_ , لكن لأنكِ لا تعرفين نفسكِ .. أنتِ الحرية ..! أنتِ أسمى صور الحرية ..
أجل .. دائماً ما تقولين أن حياة بلا حرية هي لا حياة , كيف نعيش و نحن لا نملك حق تقرير مصيرنا ؟ كيف ننجح و نصل دون أن نتخذ نحن قرار البدء أصلاً ؟! كيف لقرار لم نتخذه أن يكون صحيحاً , كيف و نحن لم نتخذه أصلاً و ما بُني على باطل فهو بالضرورة باطلٌ ؟! كيف نقف أمام الخالق فيسألنا عن أفعالنا التي لم نرتكبها بل قرر لنا أحدهم ذلك ؟! كنت دائماً ما تتساءلين عن مدى حماقة هؤلاء ليدَّعوا أن الله أمرنا بالطاعة العمياء لهم في غير معصيته ,
كنت تقولين أن في الطاعة تلك معصية له أصلاً , كنت تقولين كيف يصدِّقون هذا و هم يوقنون أنهم سيقفون بين يدي الله ليسألهم و يسألنا , كيف يسألنا و نحن لم نفعل شيئاً بل فُعل بِنا ؟ كيف يسألنا : "لم فعلت كذا ؟ " فنقول : " هُم أمروني" ؟! فندخل نحن جنةٌ أو نار ؟!. كنت ترين دائماً أن تلك النظرية الخسيسة للطاعة نظرية وضعية لا إلهية , وضعها البشر ليسيِّروا أمورهم _شرها و خيرها_ بموجب ورقة عليها توقيع الربّ "الربُّ قال كذا " .. كنت دائماً أنتِ الثائرة , أنتِ المنددة بالسياسات القمعية لنظم الحكم جميعها , أنتِ المدافعة عن حق كل مظلوم وعن حق كل صاحب رأي , رغم أنكِ عنيدة و أحياناً مُتصلبة , إلا أنكِ دائماً ما تحترمين حق الفرد في اعتناق ما يُقنعه من أفكار سياسية أو دينية أو حتى أخلاقية .. أنتِ التي تخبرينني دائماً كيف أنكِ تخافين أن تصبحي قمعية بمجرد أن تنولي سلطاتك كأمِّ , كنت أطمئنك أنني أثق أنك لن تفعلي , و كنت أغازلكِ بأنني لن أسمح لكِ بهذا إن حاولتي, كنتِ تضحكين و تقولين أنه يبدو أنه سيكون هناك قمعيُّ آخر , كنت أضحك ظاهراً , و أذوب عشقاً في باطني لفرط ذكائك ! أمَّا الجانب الذي غاب عنكِ _لسوء حظه هو لم يحج إلى عقلكِ المقدَّس _ ,
أن الحرية في أصلها هي حرية الفرد , لا حقه في تقرير مصيره أو تكوين مستقبله فقط, بل حريته من مخاوفه , من آلامه , من تجاربه السابقة , نحن عزيزتي أسرى أحلامنا الضائعة . قيودنا الحقيقية هي أحزاننا , و سجانُنا ماضينا اللاذع , ذاك الذي يعكر كل لحظة رائقة , ذاك الذي يجعلنا نخشى أن نحلم , ذاك الذي يُقرر عنَّا كما يفعلون هُم و تكرهي منهم ذلك , الحرية أنتِ تنظري بداخلكِ يا صغيرتي فتري أنكِ حرة , أنك سعيدة , أن ماضيك لم يعُد يؤلمك , أن سنّه الحاد بَرَدَ و أصبح بلا أثر ! , أن تتسامحي مع حماقاتك _و أنا أعلم كم هي مؤلمة لكِ ؛ لذا أكرهها _ .. هذا ما تجهلينه سيدة قلبي , أنتِ تسعين وراء حريتك على جميع الأصعدة إلا تلك ! , تحرري محبوبتي .. تحرري و في حريتكِ حياة , تحرري لأنكِ نعمةُ الله عليكِ , تحرري لأن فتاة مثلكِ لا تليق بهذه الحياة .. لأن جمالك تُفسدهُ القيود , أترينها مهمةٌ صعبة ؟ و متى كانت الحرية بلا ثمن أيتُها المجاهدة ؟! .. أمّا عن كونكِ أنتِ الحرية فأنت من علمني الحرية , أنتِ من بددتي أحزاني و أخرجتيني من زنزانة كآبتي , أعلم أني سأدخلها ثانية و سأتردد عليها كثيرأ , لذا أريدكِ أن تكوني دائماً هنا . أنتِ حريتي , أنتِ مخلِّصتي و ملخَّصتي . أنتِ من أريد أن أراقب معها الطيورفي كل يومِ , و نضع طموحاً يومياً بأن نصبح مثلهم ؛ نحلِّق داخل أنفسنا . أنتِ صغيرتي الكبيرة و كبيرتي الصغيرة , أنتِ العقل و الجنون , أنتِ المرح و الجد , أنتِ كل ما هو كائنٌ في مزيج وحيد أبدعه الصنيع العليم , أنتِ الطبيعة .. أنتِ البحر الثائر , و النهر الساقي , و الشمس المُشرقة , و القمر المُنير , دعي نفسك يا صغيرة , دعي نفسك و كوني حرة ,و كوني حرة و أحبِّي , فالحب حريـــــــــة ..!
ساحة النقاش