كتبت_ إيمان زهران
لوقت قريب كان مجرد طرح الفكر العلمانى يصيب الحضور بالريبة والشك وتبدأ الهمهمات الجانبية وكأن الحديث سيخرج من نطاق العلم لنطاق الخوارج . لا يخفى على البعض إلتصاق مفهوم العلمانية بالتصنيف المجتمعى " كافر"، ومن ثم لمجاراة البعض اصبح من يعتقد فى الفكر العلمانى يروج لأفكارة من منحنى ليبرالى.
العلمانية لا تعنى الإلحاد ولا الكفر والشرك بالله فهذا مفهوم ضيق لاصحاب العقول الضيقة . العلمانية اشمل من ان تنحصر فى صراع وهمى مع الغيبيات والمكونات الروحانية وإشكالية القداسة ونزاعات الاديان
العلمانية بشكل مبسط تعنى إعادة هيكلة العالم من خلال نماذج مادية يحكمها قوانين وضعية لا يحكمها الثبات ولكن معيارها تحقيق التقدم المادى فقط مع إستبعاد كافة الإعتبارات الميثولوجية الدينية كمؤثرات داخلة دون اى معاداة للدين . بأن يصبح كل مجال خاضعا للقوانين المادية ويتحول الواقع إلى مادة إستعمالية يتحول من خلالها الإنسان إلى كائن وظيفى أحادى البُعد يعتمد على الإدراك والفهم فى تدبر شئونه.
العلمانية أسلوب حياة .. العلمانية إطار فكرى وثقافى يعلن ثقافة التعايش معا ؛ يرسخ لتساوى الحقوق ولواجبات ؛ يتيح حرية العبادة واستيعاب كافة الاديان وإحترام الأخر .
ولاننى انسانه حرة ارفض تقييد فكرى بمصوغات دجمة يعلقها المجتمع بنصوص دينية تفسر وفقا للاهواء ؛ او تعلق بقوالب مجتمعية تحت مسمى العادات والتقاليد والعرف لتقف كحجر عثر امام خططى ومستقبلى .
طريقى للعلمانية طريق فكرى وثقافى وإنسانى بالمقام الاول . ليس لدى اى تعارض مع الدين ولا اى جدالات حول الثوابت المقدسة فالدين للديان ولا انفى بعلمانيتى وجود الله ولكن برفض تفسيرات البعض المغلوطة وتحجيم حريتى بنازع دينى
تعلقى بالفكر العلمانى نتيجة لرغبتى فى إرتقاء العلم وتقبل المجتمع الانسانى لبكينونتى الذاتية بعيدا عن اى عثرات اجتماعية او دينية مشهوه .. العلمانية فكر ومذهب ثقافى وليس معتقد دينى وليس كل علمانى كافر او ملحد او لادينى ؛ كثير من العلمانيية محتفظين بهويتهم الدينية بل واكثر حرصا على شعائرهم ممن يتشدقون بالتدين .
لا بديل عن الفكر العلمانى إذا إردنا الإحترام دون اى استثناءات لاحد او تهميش وإقصاء لاى شخص ؛ إذا حلمنا بمجتمع راقى يطبق شعارات عدم التخوين او التسفية او التكفير ؛ إذا أردنا مجتمع يعمل وفق نظم العدالة والحرية لإساسيات حياة كريمة وحرة ومحايدة .
لا بديل عن الفكر العلمانى إذا أردنا أن يكون للشعب كلمتة العقلانية ومتحكم ومسيطر على حكومته ومراقب ومحاسب لهم فى ظل تعددية سياسية وتداول سلطوى سلمى . لا بديل عن العلمانية إذا أردنا كمواطنين أن يكون لنا بحق نفس الحقوق بلا امتيازات ولا أفضلية لأغلبية منا أو بلا انتقاص ولا تمييز لأقلية منا
العلمانية فكر واسع وشامل يتسع لمجلدات و ليس لمقال بسرد نصوصة وافكارة واهدافة وتشعباتة والتى تتسع للسياسة والاقتصاد والشكل الاجتماعى وكذلك الميثولوجى الدينى وكل ما يتعلق بحياه الفرد والكون والتى تنظم كل شئ بحيادية تامة وبتقبل للأخر فى كافة حالاتة ومعتقداتة وممارساتة .. فالعلمانية طريق الحرية والأرتقاء بفهم الاخر
نحن البشر لازلنا فى سجن البديهيات على اختلاف انواعها إجتماعية كانت او دينية؛ علينا ان نتخطاها نحو فكر علمى تحررى عقلانى إنسانى راقى محايد ينبذ العنصرية والشمولية ؛ يعمل على استيعاب الجميع ؛ لا يفرق ولا يخون ولا يكفر ولاينحاز ؛ يتقبل الاخر دون تقييم جنسة او لونة او دينة او قيمتة المادية والاجتماعية .. جميعنا محتلفين وهذا فى حد ذاتة مكمن قوتنا بإتحاد إختلافنا وإثراء المشتركات بيننا, ببساطة ... العلمانية تعنى الإنسانية.
ساحة النقاش