كتب / خالد عيد

كان الكلب الراقد على جانب الشارع يخيفه , يبدو من هيئته وحجمه الضخم انه كلب شرس , لكن ملامحه لا تدل على ذلك , ظل واقفا عند مقدمة الشارع يحمل فوق ظهره حقيبته وفوق وجهه ملامح الضيق التى تسكن وجهه كل صباح يكون فيه مرغما على الاستيقاظ فى هذه الساعة المبكرة وفى هذا الشتاء السادي , ظل واقفا واجما  يتردد فى السير من ذلك الشارع , سيتأخر عن ميعاد مدرسته , وهذا الشارع سيوفر له الكثير من الجهد والوقت معا ؛ فهو الأقرب الى مدرسته , اذا اتخذ طريقا اخر سيسير اضعاف المسافة , انه فى مأزق كبير لا يعرف كيف يتخلص منه .

انقذه ذلك الرجل الذى مر من جانبه داخلا الى الشارع ذاته , قرر ان يسير خلفه يحتمى به , شعر انه مصدر امان له من شراسة هذا الكلب المتوحش . مضى الرجل الى داخل الشارع ومن خلفه الصبى يسير بحذر وكلما كان يقطع خطواتا ويقترب من الكلب كان يقترب هو اكثر من الرجل حتى كاد ان يلاصقه ويتشبث بملابسه ويعوقه اصلا عن السير .

مرت لحظات الرعب والخوف حينما عبرا المنطقة التى يجلس بها الكلب فأنتعش الصبي كثيرا وتنفس الصعداء بعدما تخلص من هذا المأزق .

فى الصباح التالي كان الصبي قد اعد حقيبته واستعد للذهاب الى المدرسة  واستعداده هذا لا ينفي بالضرورة بؤسه وضيقه المعتاد , وفى الطريق وعند ذلك الشارع بالتحديد كان قد نسى الصبى موضوع الكلب تماما , فتفاجأ ووقف بخيبة أمل امام الشارع وهو ينظر الى الكلب الراقد فى نفس مكانه كما كان بالأمس , زفر الصبي بضيق حتى كرر ما فعله بالامس ؛ انتظر حتى يأتي اى عابر معه فى الشارع ثم يتخفى وراءه من الكلب .

فى الصباح التالي استيقظ الصبي متأخرا عن موعده الروتيني , لكنه اسرع فى ارتداء ثيابه وتجهيز الحقيبة . ترجل من منزله بخطوات مسرعة كي لا يضيع مزيدا من الوقت , حتى وصل الصبي الى ذلك الشارع وقابله الكلب مرة اخرى , كان الصبي انشغل بتأخره عن الوقت عن موضوع الكلب . وقف الصبي امام الشارع ثم نظر حوله املا فى ان يلتقط اى شخص عابر , لكنه لم يجد اي اشخاص من حوله على الاطلاق , نظر فى الساعة وادرك انه لا وقت اخر يهدره بعد كل ما اهدرونظر الى الكلب متحديا , كان قلبه يخفق فى شدة , وفى سرعة مباغتة , اخذ القرار ؛ ترجل فى خطوات واثقة , وهو مازال ينظر الى الكلب فى تحد واضح , اقترب اكثر من الكلب وكان الكلب مازال جالسا لا يفعل شيئا ؛ لا ينبح ولا يتحرك , وحينما صار الصبي على بعد خطوات قليلة من الكلب , لم يتردد فى سيره , اكمل خطواته لكن الكلب بدأ يتحرك  فشعر بخوف شديد وكاد قلبه ان يقفز من مكانه حتى اقترب اكثر من الكلب حتى صار بجانبه , وقف الكلب وبدأ يتحرك , نظر الصبى للكلب فوجده يتحرك لكن فى اتجاة غير اتجاهه , اندهش الصبي حينما رأه ؛ كان الكلب يسير بخطوات متعرجة فى اتجاة الرصيف , نظر الصبي مليا الى الكلب وهو يعرج , فكانت احدى قدميه مبتورة ! وصل الكلب الى الرصيف وجلس بعيدا لكي يستريح قليلا .

لمح ابتسامة ترتسم على وجه الصغير فى خلسة ؛ فـأدرك ان قصة اليوم قد استحسنها واعجبته على نحو ما فظهرت عليه علامات الرضا , وكان الأب سعيدا بدوره فطبع على وجنتي الصغير قبلتين حتى لا تغضب وجنة وتغار من الاخرى , ثم نهض الأب بعد ان اطمئن على الصغير وتمنى له نوما هانئا واتجه الى فراشه ليخلد الى النوم .

 

ابتسم الصغير فى مكر وبدا وجهه مشعا بالأمل وقلبه مطمئنا تماما للغد ؛ فاليوم فقط ادرك وفهم واستوعب , فعرف جيدا كيف سيتغلب على مشكلة الكلب الذى تؤرقه فى كل صباح يذهب فيه الى المدرسة . 

shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 730 مشاهدة
نشرت فى 28 يناير 2014 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,524,841

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟