كتب :هانى كشك
حينما تسأل طفلا صغيرًا من كسر هذا الشىء فبراءته تجعله يجيب بصدق و يقول أنا من كسرته ومع مرور الزمن يكتشف الطفل الصغير أن البراءة تسببت له فى العقاب أو اللوم .... وبعقله الصغير يفكر فينكر و يكذب فيخدش براءته ثم يخفي معالم جريمته فتزيد الخدوش ثم يتهم شخصًا اخرًا ظلمًا و بهتانًا فتضيع البراءة إلى غير رجعة . ومع مرور السنين نطلق نحن على مثل هذة الافعال كلمة الذكاء وكأننا نصور للأطفال انك لكي تكون ذكي يجب أن تكون غشاش وكأن الغش مرادف للذكاء ... نحن سبب رئيسي في تعكير براءة الاطفال بما نصوره لهم من تصورات خاطئة.
البعض يحاول أن لا يحيد عن الطريق السليم فيقوم سلوكيات أطفاله و لكنه يكتشف أثناء التقويم أن المجتمع يربي معه و أنه يبذل جهدًا مضاعفًا لكي يحقق هدفه بتقديم شخص إيجابي للمجتمع المحيط به .. و الشباب خارج نطاق النصيحة في الغالب فمعظمهم يريد أن يخوض التجربة ولايقبل نصيحة التي قد توفر له معاناه قد يواجهها ... التجارب ترسم الخبرات وكلما زادت التجارب تراكمت الخبرات .
و مما يزيد الوضع سوءًا أنه يجد اللص و الفاسد و المرتشي و الظالم قد أصبح مشهورًا ولديه مالا كثيرًا أو أصبح ضيفًا على كل برامج التلفاز و يسأله الناس على رأيه في قضية معينة فيقوم بسرد رأيه مستدلا بالحكم و المواعظ الحسنة و ربما ايضًا بأيات من القرآن الكريم أو مواقف لصحابة رسول الله . هنا يشعر الطفل أو الشاب بأن الفساد هو الطريق إلى الشهرة مثلا أو هو الطريق الوحيد إلى المال . فمتى نستطيع أن نفرز هؤلاء الأشخاص و نستبعدهم من دائرة الأهتمام المجتمعي و نتعامل معهم على أنهم مرض يجب عزله حتى يشفى مما فيه فهم عدوى لا محالة .
لماذا لا نقدم القدوة الحسنة و لا نبث في أطفالنا أهمية العمل و قيمته و أن لا سبيل إلى إرتقاء الأنسان إلا بعمله الجاد و ليس بالفهلوة أو الغش ... أجد أحيانًا شبابًا على أعتاب الثلاثين من أعمارهم و لازالوا غير كفء لتحمل مسؤولية فمتى يشعرون بخطورة ما هم فيه ؟ الجميع يريد الكسب السريع بل الكسب مع الراحة ... تجدهم يجلسون على المقاهي لا يبحثون عن عمل ينتظرون الواسطة من خلال والدهم حتى يعملوا في مكان يوفر لهم راتبًا جيدًا و يبحث الأباء عن الواسطة و يظل الأباء يعطونهم مصروفهم اليومي و كأن هذا شيء طبيعي و عادي ثم يشكو الأباء من سلوكيات أبناءهم و من كثرة المصاريف عليهم هنا لا يفكر الوالد أنه كان سببًا رئيسيًا لما وصل اليه ابنه من عدم إكتراث بالحياة أو عقله الخاوي من اي قيمة .
عد إلى بداية المقالة و لاحظ بعض الأشخاص حولك و ماوصلوا اليه من سلبية تصل إلى الاستهتار ستجد طفولتهم كانت عبارة عن تدليل لهم أو بث أفكارًا لا تبني شخصية .. مثلا بعض الاباء و الامهات يفرحون عندما يسب الطفل أحد الأشخاص و يضحكون ويشجعونه على هذا فيستمر الطفل في سب الكبير فتتكون لديه فكرة عدم احترم الكبير و أن هذة الالفاظ عادية رغم بذاءتها و يتطور الوضع احيانًا مع السنين الى سب للوالد و الأم فيعودون يشكون من سلوك إبنهم ... مثلا كل شيء يشير اليه الطفل نقوم بشراءه بحجة أن لانحرمه من شيء فيتربى الطفل على غريزة الأمتلاك ... و المجتمع من حولنا مليء بهذة النماذج و أكثر. أطفالنا أمانة فلنحافظ عليها و بقدر تعليمنا لهم قيم ايجابية سيكونوا عونًا لنا عندما نكبر بدلا من أن يحاسبنا الله على الأمانة التي ضيعناها و يسألنا عنهم فلا نجد إجابة فيكونوا في هذة الحالة عبء علينا في الدنيا و الاخرة .
ساحة النقاش