كتبت :هايدي احمد النشرتي
في ظل عتمة الطريق ....في منتصف الليل الجارف ...ضوء خافض ينور الطريق من مصباح حكومي.... تقف تحته فتاة.... كعب عالي فستان ضيق لونه احمر باهت... تتأرجح علي الرصيف ...للفت انظار السيارات الجامحة....تفكر في نفسها... متي سوف تصطاد بجمالها سيارة من هؤلاء!!!!!
ظلت طوال الليل هكذا بدون قمر في السماء ... تنتظر موعدها الضائع ..حتي جاءت الشمس ...فذهبت ....
كنت اراقبها طوال الليل فهي دائما ما تقف علي قمة الشارع....تساءلت داخل نفسي لماذا تبيع نفسها من اجل بعض المال..... لاول مرة في حياتي اعطي شئ اهمية ...قررت ان اراقبها طوال الليل ....كنت اريد ان اشاهد ماذاتفعل عندما تقف سيارة لها....
اليوم الثاني .... منتصف الليل....بنفس الفستان و الكعب العالي ..التي تقريبا لا تمتلك غيرهم.. حظها في هذه الليلة وقف لها سائق تاكسي...كان شكله مخمورا ...نزل من سيارة ...رجل في الاربعينات ....تكلم معها مع ضحكة خليعة خافتة ....ركبت معه.....!!!!!! دقائق و فجاة توقفت السيارة و نزلت منها مسرعة بوجه شديد الغضب..... لمحتني و ان اتملق وجهها و شعرت اني كنت اراقبها.... القت علي نفس الوجه الغاضب .....تركت مكانها و ذهبت....
مر اسبوع و لم تمارس مهنتها اليومية.... فجاة في يوم وجدتها تقف تحت العقار الذي اسكن فيه !!!!!
قابلتها و انا داخل البيت بعد يوم عمل طويل...... هي ( يا استاذ ...يا استاذ..تسمح ثانية) ....نظرت اليها نظرة شديدة الحيرة.... خفت في نفسي .... ماذا تريد مني هذه الفتاة اللعوب.... فاذا كلمتها سوف تسئ سمعتي في الحي... اغلقت جميع حواسي عنها .... و ذهبت الي منزلي......
نظرت من النافذة ..... وجدتها لازالت واقفة امام العقار... و عينها علي النافذة التي كنت اراقبها منها في الليل....ظلت في مكانها لم تفارقه حتي انها جلست علي الرصيف منتظرة ظهوري مرة اخري.....
جلست في المنزل..... افكر اذا خرجت هل سوف تركض علي وسط الشارع...و يراها ناس و هي تتكلم معي ...لا اعلم !!!!!
و لكني اريد ان اعرف ماذا تريد بشدة.... ربما تريد مال او شئ من هذا القبيل..... من الممكن ان يكون لها قصة كبيرة... و تاخذني داخل متاهات لا اعلم اخرها.....
جلست طوال الليل شارد في القمر القي نظرات خاتفة عليها من النافذة.....فكرت ان انزل اليها في منتصف الليل فربما لايراني احد و انا اكلمها.....!!!!
قررت النزول.....فتحت الباب..... خرجت و انا افكر ان عليا الرجوع الي المنزل الان..... و قبل ان اخطو اخر خطوةعلي السلم ...ركضت مسرعا الي بيتي مرة ثانية.....قررت ان ادخل انام ...لعلي احلم بحل يخرجني من هذه الازمة المزعجة
لم يخطو النوم خطوة واحدة اتجاه عقلي.... مكثت الساعات الباقية من الليل انظر الي السماء من النافذة !!!من دون ان ادري... فتحت عينيي علي الشمس الساطعة.....نظرت من النافذة لم اجدها.... هدء خوفي قليلا ...
ارتديت ملابسي علي ان اخرج سريعا.....دقائق و تركت الحي باكمله.........ذهبت الي العمل ... و من كثرته نسيت الموضوع...
... و انا ذاهب الي البيت وجدتها تقف مجددا علي قمة الشارع...... ركنت السيارة بعيدا عن نظرها... ذهبت الي البيت من طريق ثاني لكي لا تراني.....
فجاة وجدتها تقف امامي ....!!!!!
هي( لو سمحت عايزة اتكلم معاك.... انت خايف ليه ياخويا ... خايف يطلع عليك شبهه انك كلمتني.. انا عارفة )
الي انت ماتعرفوش (انا بقالي اربع ساعات مستنياك) !!!!!!!!
انا ( انتي عايزة ايه ... انا مشغول)..... هي ( كل الحكاية يا حضرة اني لقيت الساعة دي تحت بيتك ..قولت بتاعنك مانت الي كنت وقف يومها في الشباك بتتفرج عليا)
فوجئت للحظات .... ثم نظرت الي يدي لم اجد الساعة ........ تملقت الساعة التي كانت معها.... هي ساعتي ...
لم اصدق ان واحدة من هؤلاء من الممكن ان تعمل شئ ليس مقابل مال..... فقد تكون حريصة علي بيع ساعة كهذه
هي ( هتاخدها و لا ايه استاذ) ..انا ( طبعا ..شكرا) هي ( شكرا حاف كده .... هتاخدها يبقي تديني كم ملتوش بدلها)
... وكويس اني رجعتهالك و انت مش دريان اصلا انها ضاعت منك)
كان ظني صحيح كل شئ يقابله مال عند هؤلاء......اخرجت الاموال التي معي ....اعطيتها كل الاموال اخذت الساعة ... جلست علي سلم البيت ..افكر..شعرت بالارتياح عندما نهيت الموضوع.... دخلت منزلي ..... فجاة وجدت ساعتي علي الطاولة في غرفتي بجانب السرير.... نظرت الي الساعتين ...... كم انا غبي !!!!!!!
ساحة النقاش