كتبت :سارة مهران

رأيتها شاحبة الوجه،فى عينيها ضعفٌ جليّ،جسدها بأكمله يرتعشُ ارتعاش الخائفِ من مجهول،وصوت أنفاسها يصل إليّ متسارعاً رغم المسافة التي كانت بيننا،

ذهبت إليها فرأيتها تتقدمُ ناحيتي،

ما أن وقفت أمامي حتي بكت.

نزلت على الأرض بجسدها فصُعقت،

جلست على الأرض القرفصاء ووضعت وجهها بين كفيها وارتفع صوت بكائها،

نزلت على الأرضِ مثلها فرفعت وجهاً يشتعل،

ما أن رأيته حتي رجعت خطوة للوراء خوفاً من ثورةِ آتية ،

فأمسكت هي بيدي برفق ،

وعاد الضعف إلي عينيها من جديد .

"مش هتحبيني."

"طب وافرض حصل ؟!."

"هنقطع."

"متخيّل ممكن أرضي نقطع ؟!."

"مش هرضي أعذبك عامة."

"وليه متحبنيش إنتَ ساعتها ؟!."

"معرفش إذا كان دا ممكن ولا لا ."

"ربنا يستر."

دفعتني بكفها فى صدري بقوة بعد أن أحتلها الغضب ثانيةً ،

"مش قولتلي مش هحبك،

أديني اتنيلت حبيتك،

تعرف بقي تقولي هعمل ايه دلوقت ؟!،

تعرف تقولي هستحمل إزاي وجع حبك دا ؟!،

تعرف تقولي إزاي هتشيله معايا وإنتَ السبب فيه ؟!،

مش مسمحاك على كل حاجة عملتها وخلتني أحبك،

ومش هسامحك."

قالتها وعادت إلي نوبة بكائها ،

مرّ أمامنا حفنة من أصدقائنا و أقبل أحدهم عليّ كي يتعاركَ معي إذ أني أنا السبب فيما بها،

فدافعت هي عني،

وقامت من على الأرض من أجلي ،

وحمداً لله أنها لم تعد لجِلستها تلك مرة أخري.

ما أن وقفت قبالتِها حتي احتضنتها،

دخلت فى حضني بسكون غريب،

وما أن وضعت رأسها بين رقبتي وكتفي حتي بكت،

صارت تضربني فى كل موضع تصل يداها إليه،

آلمتني ولكني صمتّ،

وما أن انتهت حتي ابتسمت قائلة :"وجعتك ؟!."

فابتسمت لها،

وأدخلتها بيني مرة أخري.

"أنا خايفة أحب من طرف واحد."

"بطلي تخافي."

"دا عشان إنتَ معايا ؟!."

"لا،عشان إنتِ معاكي."

"ودا كفاية ؟!."

"طبعا،

خوفك مش هيعمل حاجة،

لو حبيتي هتحبي غصب عنك،

متتعبيش عقلك بالتفكير ع الفاضي."

"ربنا يستر."

كل ما يحدث كان يقود إلي عِشقه لا حبه،

صفاته التي تكوّن شخصية عاشت هي تحلمُ بلقائها فقط،

فِكره الملتصقُ بفكرها،

وعقله الباحث خلف كل شىء،

من ضحكته إلي ابتسامته إلي قامته التي ترتفعُ عنها قليلاً فتشعرُ عندما يحضنها أنها ابنته،

منه خلقت،

وبين ثناياه تشعرُ بالأمان.

كل شىء كان يقود إلي عشقِ لن تُشفي هي منه،

ولكنها_بسذاجةً وباندفاع لن تُحمد عُقباه_مشت معه الطريق ظناً منها أنه لن ينتهي إلي حب،

لما نظنُ نحن فى حالاتِ كتلك أن حالتنا نحن_دوناً عن حالاتِ الآخرين_مختلفة،

أترك الاختلاف كل العلاقات كي يكلل علاقاتنا نحن ؟!.

"طب بصي،

مش هضحك عليكي،

أنا حاسس ناحيتك بمشاعر مختلفة،

حاولت أصنفها معرفتش،

مش حاسس إنها حب،

بس بردوا مش علاقة صُحاب عادية،

لمسة إيدك بتطمني،

صوتك بمجرد ما بسمعه لو كنت شايط بهدي،

دموعك كفيلة بإنها تهزني بشكل ممكن متتخيلهوش،

بحس كتير إني بحبك حبّ عايزه يكمل،

ساعات بغير عليكي،

بس دا ساعات،

مش حاجة دايمة،

عارف إنك دلوقتي فى حالة دايمة بس أنا لسه موصلتش ليها،

ف قدامك حلين،

إما إنك تمشي وأنا مش عايزك تمشي،

هحاول مبقاش أناني وأسيبك تختاري لوحدك بس اعرفي إنك لو مشتيتي أنا هتكسر من جوا من بعدك،

وإما إنك تصبري عليا حبة،

زي ما طريقك وصلك لعشق،

عندي إحساس إني طريقي هيوصلني ليكي،

بس عمري ما هخليكي توقفي حياتك عشان إحساس."

هل كلماتي أثرت بها إلي الحد الذي جعلها تضع يدها علي ظهري وتضمني إليها بعنف ممزوجٍ بشوق ،

هل حروفي وصلت إليها بعمقِ جعل نبضات قلبها تهداً كليةً ؟!.

هل ما شعرت به لحظِتها،

من عشقِ،

حقيقيّ أم من وحي خيالي الراغب فى حبِّ يهوّن ما بالحياةِ من كدرِ ؟!.

أخرجت وجهها من بين صدري وأدخلت يدها فى شعري إذ حرّكت أصابعَ يديها بين خصلاته وعلى وجهها ضحكة ورديّةِ كخدها وقالت:

"وإنتِ يا أهبل فاكر إني هعرف أمشي."

"مش عايز أكسرك."

"يبقى حبني،

ها حبني."

دون روية طلبها عقلي ورفضتها أنا ،

وجدتني أمسكُ بيدها،

وأطلبُ منها أن نذهبَ إلي أولِ مكانِ تلاقينا به،

لأخبرها أنني_قد اكتشفت الآن فقط_أني أحبها،

بعدما تأكدت أنها تحبني،

أكان عليّ أن أتأكد منها أولاً كي يرضخَ عقلي ؟!.

ربما،

فالفشل الذي حققته فى علاقة سابقة أدي_لا إرادياً_إلي تشبثِ برفضِ أيّ علاقةِ لم يُتأكد منها بعد.

ما أن وصلنا هناك حتي رأيت الدموع تختفي تدريجياً من عينيها،

شعرت وقتها أنها كانت تشعرُ أن تصريحاً بالحبِّ فى طريقه إليها،

أمسكت بيدها،

كانت منسابة بين يديّ انسياب الماء فى كفك،

قبّلت يدها فدمعت عيناها،

اقتربت أكثر من وجهها فأغمضت عينيها،

اقتربتُ أكثر فرأيتُ حمرة ترتسمُ علي خديها ،

اقتربت حتي وصلت إلي أذنيها قائلا:

"طلعت بعشقك يا بنت اللذينة."

فتحت عيناها وقتها على آخرهما،

فطبعت على خديها قبلة جعلتها تُغمض عينيها خجلاً،

 و جذبتها إلي صدري_بالقرب من قلبي_ كي تسمعَ ما به لها.

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1396 مشاهدة
نشرت فى 20 مارس 2014 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,122,839

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟