كتبت_ بسمة توفيق
كان ذلك في إحدى ليالي يناير عندما أدار عمر مفتاحه ليستسلم الباب بسرعة على غير العادة ويجد شقته أشبه بكوخ مضاء بمصباح جاز عتيق جدا تزيده وحشة سلطة البرد على كل شئ فيه ، وامتدت يده لفتح الأنوار فإذا بزوجته منى كتمثال شمع تجلس على أقرب مقعد للباب بينما أمامها فنجان قهوة على غير العادة أيضا أتعرفون لماذا لأنه المشجع الوحيد للقهوة في هذا المنزل.
وبين الفنجان ومنى كان كلاهما مثير للدهشة فهي صامتة بلا حراك ورغم ذلك كانت في أبهى صورها متأنقة ينطق زيها بالتأهب للخروج والفنجان قابع يشكو امتلائه وتعسف البرد به وكأنه صنع منذ دهور ،لكنه فيما يبدو لم يكن على استعداد لإرهاق عقله في تفسير هذا الوضع لان عقله بل وبدنه كله كان متعبا بما يكفى والبرد يتمكن من أوصاله وأعصابه أيضا و في غضون ذلك ران صمت ثقيل لم تقطعه سوى عقارب الساعة التى أنذرت الجالسة والمنتصب ببداية يوم جديد نعم إنها الثانية عشرة صباحا يا سادة وبدلا من صباح الخير قال الزوج السلام عليك أميرتي لماذا تجلسين بالملابس الرسمية ألم يحن بعد موعد نومك ؟ فجاءه الرد : سل فنجان قهوتك شهريار فقد سكتت شهرزاد عن أي كلام مباح معك وفى حركة مسرحية غادرت المكان بخطوات سريعة تنبئه بأنه نسى شيئا هاما وهو معرض الكتاب الذي طالما تمنت منى زيارته منذ بدايته بينما كان هو دائما سبب التأجيل والتعطيل وهم وراءها معتذرا إلا أنها انفجرت غاضبة وقالت أن الأمر ليس التأخير في حد ذاته لكنه الاستهتار بالمنتظرة ورغبته في التحكم في ألا تذهب أو تذهب لمجرد السيطرة فقط لمحو كيانها لرفضه صديقاتها اللاتي عرضن عليها زيارة المعرض معهن لكن كيف ذاك ؟ كيف تذهبين معهم وأنا موجود. أعدك بالذهاب . الساعة الثالثة بعد انتهاء عملك مباشرة بإذن الله ...........................
الساعة الثالثة .......صارت الرابعة والخامسة والثانية عشرة ثم أتى الفارس المنتظر بلا حصان يجر أذيال الأسف ويقول سلام عليك .. ليغير ملابسه بسرعة ويجرى الى التلفاز وبهذه المناسبة يا سيدي وبمنتهى الاحترام أقول لك أن هذه الجلسة-جلسة القرفصاء أمام التلفاز- تبدأ بعد الستين وليس بعد مرور 6أشهر فقط على زواجك، و الآن لقد حان موعد نومي تصبح على خير وانحنت في هدوء مصطنع قبل أن ينهى باب حجرتها هذه العاصفة بصفعة قوية بقى أمامها عمر هادئا ترتسم على وجهه ابتسامة عريضة لم تفارقه طوال حديثها الهادر وهو يعقد ذراعيه أمام صدره ويتفرس فيها وكأنما يراها للمرة الأولى وفى الصباح ،لم يبق من عاصفة الأمس سوى الرماد حيث استيقظت منى من نومها باحثة عن عمر فلم تجده فأسرعت خطواتها في المنزل لاسيما بعد تأكدها من أنه نزل باكرا اليوم وانطلقت الى المطبخ في مزيج من الغضب والتشوش وفتحت الراديو الصغير، ومن المطبخ حيث الماء المتأهب للغليان على البوتاجاز الى الماء البارد الذي رشت به وجهها أثناء الوضوء، الى الممر غير القصير الى الحجرة قال الراديو : هل تعرفين يا صغيرتي ما معنى مضى يوم نعيشه معناه أنه لن يعود لذا لابد أن نعيشه كما ينبغي بكل لحظاته ، فردت عليه في رقة غاضبة اذهب فأخبر الأستاذ عمر بذلك وسله كيف قضى ليلة طويلة مضيعا إياها دون أن نعيشها معا وحتى لم يعتذر في النهاية ليزيد بؤسي بابتسامته ال .... الجميلة نعم.. إنها حقا جميلة وأنا حقا أحبه لكنه بدأ يهملني حقا ويستهين بمشاعري ..لكنى أحبه وهو أيضا ..لا ..ومرت بالمرآة وقالت سوف اتصل به الآن.. لا كرامتي .. ثم أنه المخطئ ولابد أن يتصل هو نعم لابد .. وتركت المرآة وهى تسأل هل جننت ؟ بعدها تذكرت أنها صلت فجرها حاضرا لأنها لم تنم بشكل متواصل فتنهدت في حرارة ثم ارتدت ثيابها عندما أيقنت أنها تأخرت مع همسة عتاب البرنامج العام في الثامنة والنصف لتعود الى المطبخ عدوا لتلحق بالماء المغلي وتصب كوب الشاي لتشربه دون ذرة سكر على غير العادة، وبعد دقائق كانت
تستقل المصعد بعد أن أغلقت باب المنزل على كل شئ نعم كل شئ بداية من ورقة النتيجة الحائرة بين الأمس واليوم و حتى فنجان القهوة الماثل أمام مقعدها منذ ساعات ......
ومع إدارتها لمحرك السيارة بدأ الإيقاع السريع لكل شئ فقد وصلت الى العمل في وقت قياسي وفى ابتسامة رصينة قالت صباح الخير لزملائها الذين تبادلوا أحاديثهم عن زحام المرور بين الأمس الممطر واليوم الصافي بلا أمطار وعن كل برامج سهرة الأمس وعن أزيائهم الشتوية الجديدة وكأنهم جائعون للكلام قبل يوم طويل ينتظرهم للعمل في شركة كمبيوتر عملاقة يديرها الشباب فقط الشباب بما لأحاديثهم من مذاق جميل وما لحركاتهم من مزيج دقيق من تهور وتأنى يجعل الإبداع و التجديد هما عنوان كل نجاح ويجعل كل نجاح هو مجرد مرحلة يليها نجاح أكبر و بهذه الروح استقبلوا اجتماعا مع رئيسهم المباشر هو اجتماع دوري لكنها رغم ذلك نسيته وحضرته بنصف عقل يعمل بكفاءة شديدة والنصف الآخر غاب عنها ولم تدر أين هو حتى مع فرحة الجميع بالتصميم الجديد للإعلان الخاص بإحدى الشركات العملاقة والذي انتهى وتمت الموافقة عليه في الميعاد المحدد لذلك وفى لحظة شردت منى و قال المدير أن اليوم يمثل نقلة في تاريخ قسم الإعلانات بالشركة ليستطرد ضاحكا : فلنجعل من يوم 20 يناير عيدا لمصممي الإعلانات بشركتنا يا سادة ومع عاصفة التصفيق أفاقت منى ومع خروجهم من الاجتماع لم تكن تأبه بالمكافأة التى حصلت عليها كواحدة من فريق عمل كامل صمم الإعلان رغم احتفاظها بكل مظاهر الجدية التى لم تنجح في إخفاء الشرود الساكن في كل قسماتها
بشكل ملحوظ من زملائها وزميلاتها اللاتي بدت عليهن الدهشة والاستغراب لأنها لم تتحدث قط منذ خروجهم من الاجتماع الا لتهنئ الجميع بإنجازهم فى آلية شديدة وكأنها عروس صينية الصنع مبرمجة على الابتسام و إطلاق كلمات التهنئة والمجاملة أما فى مكتبها الخاص فأخذت تطالع التكليفات الجديدة بنفس الآلية بلا أدنى استجابة لنداء زميلاتها اللاتي كن ينبئنها بانتهاء ساعات العمل إذ لم يقطع غرقها فى الصمت الا اهتزاز هاتفها داخل الحقيبة بشكل متذبذب كحركة يدها المرتعشة وهى تخرجه لكن المتصل لم يكن المنتظر لكنه والدتها التى استدعتها على وجه السرعة لأنها مريضة جدا ....
وأغلقت الهاتف لترى الساعة وقد صارت الثالثة عصرا ودون إطالة النظر لشاشة الهاتف أسرعت بإرسال رسالة لعمر تنبئه بزيارتها لامها وأنها لن تتأخر عن السادسة مساء اكتفت بالرسالة فمازالت الكرامة تنتصر على الحب ........حتى الآن
وقبل مغادرة العمل سألتها صديقاتها عما إذا كانت قد زارت المعرض فقالت لهن بملامح باردة أن سوء الأحوال الجوية منعها عن الذهاب لاسيما مع انشغال عمر وبذلك أدارت دفة الحوار الى الطقس السئ الذى لم يكن يسيطر الا على داخلها فهي تعلم أن سوء الأحوال الجوية لم يكن عقبة أمام خروجها مع عمر لكن العائق هو سوء أحوالهما العاطفية التى تسربت اليها برودة لا تعرف من أين جاءت ،برودة تجعلها في احتياج لعمر بشكل أكبر فهل تتصل به؟ لا لابد أن يتصل هو أولا ............
ومع نزولها الى الشارع فى المصعد كان معها المهندس احمد وهو زميل عمل فى قسم الاتصالات و الآنسة هناء زميلتها بقسم الإعلانات التى كانت تتحدث معها عن الإعلان الجديد بشغف شديد جعل أحمد يتدخل مهنئا ويستطرد فى مرح : قوة قسم الإعلانات لدينا هى القوة الناعمة التى ترفض إرهاب قسم الاتصالات وتبهر مجلس الإدارة بإبداعاتها فقاطعته هناء:إرهاب .. اصمت اذن فبل أن تأتى الولايات المتحدة لاحتلال الشركة ..... فقالت منى :اذن فلتعلنوا الهدنة لقد وصل المصعد وسألت
أحمد : كيف حال والدتك يا باشمهندس؟ فقال : بخير الحمد لله لم تعد تريدني الآن فالممرضة الجديدة فتاة رائعة حقا وهى تعتبرها ابنة لها لأنها تسخر وقتها وراحتها لأمي فهي بحق ملاك للرحمة وإنسانة من طراز نادر وشرد ببصره لحظات ثم عاد إلى أرض الواقع مضطربا وكأنما أدرك أنه كشف أشياء كثيرة وهو ما أدركته هناء التى أطلقت ضحكة جذلة لم تخل من الخبث قائلة : الحمد لله يا باشمهندس أنا دلوقت اطمنت عليك قصدي على الحاجة فابتسمت لهما منى وقد وصلوا جميعا إلى حيث سياراتهم وقالت : أراكم غدا إن شاء الله قالتها وتركت أحمد وهناء الجاران منذ السنوات العشرين ليتفاوضوا من سينجو أولا من زحام المرور ليصل للمنزل قبل الآخر ورغم وجودهما الدائم سويا والذي كان يعرضهما لنظرات وأحاديث البعض بالتلميح حول وجود ارتباط عاطفي بينهما إلا أن المقربين لهما كانوا على علم بأن هناء أخت بل أخ أصغر لأحمد فهي تعامله برقة فتاة صغيرة بشكل يجبره دائما على أن يكون مسئولا عنها وبقوة فتى صغير يحترم نفسه وكلمته ومن حوله وأولهم أحمد رفيق الصبا والشباب زميل المدرسة والدروس والجامعة وإنها لشعرة بين حبها له وبين حب رجل وامرأة لكنها تحافظ علي هذه الشعرة لتحافظ عليه وان كان هو لا يحسب كل هذه الحسابات لكنها الطبيعة فهو رجل لكنها امرأة.. امرأة شرقية.. تنتظر الحب ليكون كل حياتها وفى الوقت نفسه تخافه لأنها تعلم أن الحب بالنسبة لأي رجل هو جزء من حياته.. بل وأحيانا يكون جزء صغير جدا .. جدا لا يحتسبه في اهتماماته إلا بعد أشياء كثيرة مثل الدراسة والعمل والسفر وغيرها من الأشياء التى تجعلها تتوقف وتنتظر ذلك الذي يستحق أن يملأ حياتها وتحتمل وترضى وتسعد هي بأن تكون جزءا من حياته وفى رحلة البحث عنه تقابل كثيرين وتعرف وفى خضم ذلك يكون الاحترام عنوان وسلاحا وحماية حتى تلتقيه فيحميها وتدفعه... ويكون رفاق رحلتها المخلصين مثل أحمد هم من تذكرهم بالدعاء في صلاة الفجر ويأخذها القلق عليهم عند الأزمات تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم وتقول للأثير منهم :كن صديقي..كم جميل لو بقينا أصدقاء ..فان كل امرأة تحتاج إلى كف صد يق كلمات كتبتها سعاد الصباح قبل سنوات كثيرة يغنيها الراديو في السيارة لتصدق على هذه الأفكار التى انسابت في عقل منى وهى تتذكر أحاديث هناء إليها ثم انقطعت خيوط أفكارها مع أصوات السيارات التى وقفت مجبرة مهابة واحترام لعربة يجرها حمار ينظر للجميع نظرة لا تخلو من معاني يطلب فيها الرحمة به لكن هيهات فراكبي المر سيدس والهيونداى والدايو وحتى ال128 لكل امرئ منهم شأن يغنيه عن التفكير في هذا المخلوق المعذب وفجأة تصاعدت أصوات السيارات أكثر لتطغي على صوت الراديو الذي أعلن أنها الساعة الرابعة عصرا يوم 20يناير2009 وهو مالم تسمعه منى التى انشغلت بدفء السيارة عن خارجها متأملة في الناس ومعاطفهم الثقيلة ما بين أنيق ورث وكيف أنه من العمر ما يضيع في إشارات المرور ومن العمر ما يضيع أيضا في الخلافات وعندئذ تراجعت الكرامة أمام الحب فقررت الاتصال بعمر حتى وان اعتذرت فالأمر لم يكن يستحق وهمت بالتقاط هاتفها من الحقيبة إلا أنها كانت مضطرة في اللحظة ذاتها للانطلاق بالسيارة وعاد التليفون إلى الحقيبة وأطلقت هي زفرة حارة ....عندما بقى أمامها منعطف واحد للوصول لمنزل والدتها ووصلت وصعدت وتهاوت إلى أقرب مقعد للباب بسبب تعطل المصعد ونزعت الحجاب عن رأسها وبعد لحظات وجدت نفسها ترتمي بين أحضان والدتها تطمئن عليها وعلى أختها سلوى التى تصغرها بعامين والمصابة بهوس المطبخ والأعمال المنزلية حيث تكره الدراسة والمذاكرة منذ نعومة أظافرها عكس جيهان أصغرهن الفتاة الجادة المحبة للدراسة والسفر وحفلات الأوبرا وسهرات القاهرة القديمة وعملها كمرشدة سياحية الذى يتيح لها كل ذلك فى إطار جو من الثقة من أسرة مات عائلها الموظف منذ سنوات تاركا الأم والبنات الثلاث بمعاش لا بأس به وسمعة طيبة جعلت العائلات المحترمة يتهافت شبابها عليهن فى زمن صار كل شئ فيه صعبا من وجهة نظر الكثيرين وهاهي منى قد تزوجت عمر وهمسا أقول عن حب وسلوى ترتدى الخاتم فى يدها اليمنى بطريقة الصالونات أما جيهان فقد أثارت حيرة أمها برفضها المتكرر لأكثر من شاب من وجهة نظرها كان ممتازا وهذا ما قالته الأم لمنى عندما سألتها عن "جين " التي لم تكن قد حضرت بعد فأردفت منى قائلة:أمى جيهان عاقلة بما يكفى وقادرة على الاختيار
فردت الأم هامسة :منى جين تثق بك فحاولي معرفة ما إذا كان هناك شاب تحبه وطمئنيها الى أنه إذا كان جيدا فسوف نقبله قاطعتها منى فى صوت حاسم لم يخل من الأدب :
أمي جيهان لم تعد طفلة أستدرجها لمعرفة ما إذا كانت تتناول سندوتشات المدرسة أم لا ومع ذلك فأنا أقدر خوفك عليها وفى الوقت ذاته أعتقد أنها قادرة على الحسم أمرها إذا ما كان هناك شاب يريدها فاطمئني ولاتقلقى نفسك لأجل صحتك فربتت الأم على رأسها وقالت ليت كل البنات مثلك يامنى وليت كل الرجال مثل زوجك عمر فهو ابني الذي لم أنجبه ومع هذه الكلمات شردت منى مرة أخرى وفرت من عيون أمها الى أحضانها كأنها تختبئ فجاءت سلوى من الداخل تشد أختها وتقول سمو الأميرة منى ليت كل البنات مثلك فهلمى يا ست البنات لمساعدتي في المطبخ فضحكت الأم ودخلت منى مع سلوى والتليفون ملتصق بيدها وفى الداخل قالت سلوى : أراهن بعمري لو لم يكن حديثكما عن جيهان فأومأت منى برأسها إيجابا فقالت سلوى أنا يا منى لا أريد جيهان أن تتزوج أول من يتقدم لخطبتها لكن أيضا الرفض له أحكام فلا مبرر لرفض مهندس بترول دخله 4000 جنيه شهريا لديه شقة وسيارة فارهة متدين على خلق طويل وسيم لا يدخن يوافق على عملها وفوق هذا كله والدته واراها الثرى منذ سنوات فضحكت منى وقالت : مع من أتحدث مع محرر باب أريد زوجا ثم ما مسالة موت أمه هذه؟ فاستطردت سلوى: الزوج اليتيم غالبا ما يكون حنونا لأنه حرم الحنان ولذلك يعطيه ولا يحرم الآخرين منه كما حرم هو ويكون قويا قادرا على مواجهة الصعاب بسبب قسوة اليتم ضحكت منى مرة أخرى وقالت ولماذا يكون يتيم الأم؟
فأجابت فى بساطة:حتى لاتكون هناك حماة تفسد الحياة ألا تسمعين الأستاذ أسامة منير؟ فأضافت منى: وهل يقول أسامة منير هذه الدرر؟فرفعت سلوى رأسها فى فخر ثم عادت تقول : لا أعتقد ولكن بالعودة لجيهان الخلاصة أنها مجنونة بكل المقاييس فقد رفضت الأسبوع الماضي طيارا كان سيحلق بها فى سماء العالم كما أنه شاب من عائلة كبيرة وفارق السن بينهما مناسبا و....قاطعتها منى متسائلة:وهل قبلت الأستاذ عصام لمثل هذه الأسباب؟ تخضب وجه سلوى بحمرة خفيفة ثم أردفت فى خبث: عصام انسان وهذا يكفيه وكلمة انسان تعنى كل شئ وتلخص كل شئ طيب بار بوالديه ناجح فى عمله محب للحياة فابتسمت منى وهى تهز رأسها ومحب لسلوى أيضا ..لكن هناك مشكلة..أمه فاطمة هانم حافظ على قيد الحياة ..فلكزتها سلوى قائلة:
لايهم طالما لن أعيش معها ..فأنا سأتزوج عصام وهذه أمه ولو كانت أسوأ نساء الأرض فانجابها عصام حسنة كفيلة بأن أكرمها وأحسن معاملتها لأجله وقبل كل شئ لأجل الله طبعا وأكملت ضاحكة : اعمل ما شئت فكما تدين تدان ...حتى لا ترهقني زوجة ابنى فيما بعد.
وبعد دقائق أخرى نادتهم الأم قائلة منى اتصلي بعمر ليتناول الغداء معنا فأشاحت منى بوجهها وقالت : لقد أخبرته بأني هنا وسأذهب للمنزل قبل السادسة فلعله رتب عمله على هذا الأساس .. قالت عبارتها وفرت من عيون تلك الخبيرة بالحياة فاستلمتها سلوى في الداخل : هل أنت مختلفة مع عمر؟ فأومأت برأسها إيجابا ،فأضافت سلوى : لن أسألك التفاصيل لأنها على وجهك لكن نصيحتي أن تتحدثي إليه طالما أن أحدا منكم لم يرتكب حماقة في حق الآخر أثناء الخلاف فلا يهم من يبادر بالاعتذار اتصلي به ليتناول الغداء معنا وسوف يصل حتما متزامنا مع موعد جيهان إن شاء الله ..هيا وهاهو الهاتف ابتسمت منى وكأنما كانت تنتظر هذه الكلمات فخفق قلبها واحتضنت أختها ثم غادرت المطبخ الى حجرتها وتناولت التليفون وضغطت زر الاتصال منتظرة صوته إلا أنها صوت آخر جاءها ليبعث في نفسها مزيجا من الحنق والقلق وخيبة الأمل وبالطبع مزيد من الحنين والرغبة في الاعتذار...
" الهاتف الذي طلبته ربما يكون مغلقاً "
ساحة النقاش