كتبت ـ سارة علي مهران :
ينص قانون نيوتن الثالث على أنه لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه.أتذكر ذاك القانون ؟!
أنا أذكره كما أذكرُ اسمي، أردده دائماً أمام أبي كي يعي ما أقول، ولكنه لا ينصتُ جيداً.
وُلدت أنا لأجد أبي فى الخارج، وقتما كنتُ صغيراً لم أكن أري فى تواجده فى الخارج سوي أنه ليس هنا، كنتُ أتألم من عدم وجوده خاصةُ فى تلك المُناسبات التي يأتي فيها الأباء إلي المدرسة كحفلاتِ التكريم وغيرها إذ إن غيابه كان المُسيطر على المشهدِ دائماً.حاولت أمي كثيراً ملء ذاك الفراغ الذي خلّفه أبي ولكنها لم تقدر.
فى علم الرياضيات يستحيل أن يتزن الجسم_أيّ جسم_تحت تأثير قوة واحدة، فكيف يُعقل أن أتزنَ أنا داخلياً وأبي غائب ؟!.
لم يكن يوماً هنا،بلغتُ أنا السادسة عشر عاماً ولم يكن معي ولن يكون معي،ما عاد فى الإمكان أن يكون معي.آلآن يأتي راغباً فى أن أمدّه بالحب الذي يحتاجه بعد أن كبُر،وأين الحب الذي كنتُ أحتاج أنا إليه وأنا صغير ؟!، كيف أعطيك ما لا أملك يا أبي العزيز ؟!
على مر السنين،استطاع العلماء إثبات صحة قانون نيوتن الثالث،بل أثبتوا سَير العالم وقواه على اختلاف أنواعها عليه،ف أنت إن ضغطت على منضدة ما بجسدك سترد عليك المنضدة بقوة مُساوية لقوة ضغطك مُعاكسة لها فى الاتجاه تُسمي رد الفعل.
أنت إن ضغطت رُد عليك، وأنت إن أعطيت حباً حصلت عليه.
لا أطيقُ النظرَ إلي أبي، أشعر بأنه غريبٌ يسكنُ فى بيتنا، أشعرُ أن رجلاً لا تربطني به أيّ صلة يتدخل فى أدق تفاصيل حياتي ف أنزعج،لماذا أتي الآن ؟!
فليرحل،ما عدت أريدُ بقائه.لن يجدَ عندي الحب،بل ليته غاب عن الصورة كلياً وعاد الآن إذ ربما كنتُ قد استطعتُ وقتها أن أشعر ناحيته بشىء،كنتُ ربما سأقدرُ على أن أحبَّه لا أن أكرهه، هو فعل الكثير فكرهته.
ساحة النقاش