علا علي فهمي
"العريس أحلى منها خسارة فيها"، "العروسة وحشة جداً"، " إيه ده لبسها ذوقه وحش قوي"، "ما لقاش غير دي يعني"هذا ما قرأته "نورهان" ضمن التعليقات على خبر زواج أحد الفنانين على أحد المواقع الإلكترونية ، فعندما دخلت نورهان لتقرأ خبر الزواج فوجئت بهذه التعليقات الجارحة.
فبدلاً من كلمات التهاني والمباركة وجدت سيل من الإهانات والشتائم والتي وجهت إلى العروسين دون أي سبب، وعندما دخلت لتقرأ خبر وفاة أحد الفنانات الشهيرات؛ لم تجد في التعليقات من يترحم عليها ، بل تبارى المعلقون في سبها ووصفها بأبشع الألفاظ .
هكذا أصبح حال أغلب النقاشات الإلكترونية، فعندما تطالع تعليقات الأعضاء على مواقع التواصل الإجتماعي أو على المواقع الإخبارية، ستجد أن إختلافك في الأراء ووجهات النظر يفسد للود قضية ، ويكون سبيلاً لتعرضك ـ أنت ووالديك ـ للسب والشتائم وإلصاق التهم بك.
فماذا حدث بعد أن رفع الشباب شعار "الشعب يريد أخلاق الميدان" أيام ثورة 25 يناير، فلا يمكن أن ننسى ما لاحظناه مع بدء قيام الثورة من سمو للأخلاق ورقي في التحاور والتعامل مهما إختلفت الأراء.
لكننا نسينا ذلك سريعاً، وعاد الحال أسوأ مما كان ... وأصبحنا بحاجة ماسة إلى شعار " الشعب يريد تهذيب اللسان".
"رأيك يفسد القضية"
نهلة 21 سنة، تقول : "بمجرد كتابة رأيي في جروب (بنحبك يا ريس) على الفيسبوك والذي لا يتوافق مع سياسة أدمن الجروب وميوله ، فوجئت بسيل من الإهانات منه ومن غيره، ولأنني تربيت على أن أستمع وأتحاور مع المختلف، طلبت من أحدهم ذكر بعض مميزات عهد مبارك، فقال لي يكفي البنية التحتية وخطوط التليفون التي لم تكن موجودة في معظم المناطق قبل حكمه، ضحكت في سري، وذكرت له معلومة صغيرة هي وأننا في مصر نعاني من إنهيار البنية التحتية ، وأن الترع والمصارف أسست منذ عهد محمد علي، ولكنه لم يرد علي وقام فقط بإهانتي، فإنسحبت من الحوار لأنني تأكدت أنني أتحاور مع شخص جعجاع ومتعدي ولا أخلاق له.
أما "إسراء" طالبة بكلية الطب، فتقول : "مع بداية ثورة 25 يناير ظهر مجموعة من النشطاء السياسيين الشباب الذين لاقوا تشجيعاً كبيراً من الشعب المصري، وبعد فترة فوجئت بسب وسخرية الكثير لهؤلاء الشباب والتعدي على أعرضهم وإتهامهم بالخيانة والعمالة، فكتبت على النت (لماذا لا ننتقد المخطئ بعيداً عن السب والتعدي على الأعراض؟)، فرد علي أحدهم (بدل ما إنتي عاملة نفسك شيخة وجاية تعلمي الناس، إيه إلي مقعدك على النت ؟... هم أهلك علموكي تقعدي على النت لحد الساعة 12 بليل)".
"لو كنت مؤمن برأيك مكنتش تسب وتشوه صورة الناس وتتهمهم في دينهم عشان تثبت وجهة نظرك"، كان هذا رد فعل "جاسر" طالب بكلية الحقوق الذي كتبه معلقاً على بوست بأحد الصفحات السياسية على الفيسبوك، حينما سبه أحد الأشخاص وإتهمه أنه من أعداء الإسلام وكافر لمجرد أنه عبر عن وجهة نظرة بكل صراحة ودون أن يخطئ عن جماعة الإخوان المسلمين.
ويتابع قائلاً : وذات مره قام أحد الأشخاص بسبي وسب والدتي حينما علقت على لينك خبر على إحدى الصفحات الرياضية ، حينها شعرت بالضيق والغضب، ولكنني تمالكت أعصابي وذكرته بحديث رسول الله "صل الله عليه وسلم" ( إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه قال يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه)، فما كان منه إلا أن قال لي (خليك في حالك وبلاش فتي).
"مبدأ العزل"
عن كيفية التعامل مع أصحاب التعليقات السيئة ، يحدثنا مدرب التنمية البشرية "محمود أمين" قائلاً: إذا صادفنا شخصاً يتلفظ بألفاظ منحدرة ، فعلينا أن نطبق عليه مبدأ العزل ، أي نعزله عن الحوار وبالتالي نعزله عن المجتمع ، وهنا نجبر هذا الشخص على التنازل عن سلوكياتة السيئة وألفاظة النابية.
كذلك فعلى الشخص المتحاور المتعلم أن يتحاور مع غيره بمبدأ الأية الكريمة (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، وعدم الإنزلاق إلى درجات منحدرة مع من يناقشوننا.
كما ينصح أمين الشباب بعمل صفحات وجروبات على مواقع التواصل الإجتماعي تنادي بنبذ الألفاظ السيئة، وتنادي بتعلم وتطبيق أداب الحوار مع الكبير والصغير ، فضلاً عن التركيز على الخطاب الديني والأخلاقي لما له من تأثير سريع في قلوب و عقول الكثير من الشباب، وكذلك نبذ ما يقوم به الإعلام السلبي كأفلام السينما التي تتضمن الكثير من الألفاظ البذيئة وكذلك القنوات الكوميدية القائمة على الإبتذال والتخلي عن الحياء والإحترام .
وأنت هل تتعرض لمثل هذه الألفاظ، وماذا يكون تصرفك ؟.
ساحة النقاش