جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بقلم : رضوى عزمى
أيها السادة المحترمون و المحترمات , الطيبون و الطيبات , المتعاطفون و المتعاطفات , البكائيين و البكاءات , أحيكم و أحيي مشاعركم العميقة الجميلة المراعية , و بعد التحية .. أُعلمكم أني أكرهها , فأنا ذلك الوغد !
أنا ذلك الذى إن قصدتموه سمعكم دون أى تعليق سوى الهمهمات و الايماءات تلك التي ترونها "بروداً" . و إن رويتم عليه أحداً من مشاهدكم تلك التي أثارت حتى تعاطفكم مع أنفسكم لم يتفاعل _ظاهرياً_ . ذلك الذي لا يُعلِّق عندما تنتظرون منه "كم أنت مسكين !" _أنا أعلم أنكم تنتظرونها لذلك لن أنطقها ؛ قٌلها أنت لنفسك ما دمت مؤمناً بها !_ . ذلك الذي يرى في أعينكم مشاعر الندم لخلعكم رداء "قوتكم" أمامي ؛ لأني لم أبكي لمّا رأيتكم بدونه , و لم أردد "يالقوتك ؟!" , و لا "لك الله , كيف تطيق كل هذا ؟! " . ذلك الذي تملون ضحكاته "السخيفة" أثناء حكاياتكم , و ترونها مبتذلة لا تفي بالغرض و لا توصل أي مشاعر تعاطف _تريدونها بلهفة_ . ذلك الذي إن قررت أمامه أن تستسلم لن يمسك بك , و لا يذكرك كم أنت قوي, و لا كيف أن الزمان حقير و أنت العظيم الرائع فلا تعبأ بأفعاله وفقاً لمبدأ (كُنّ أنت الكبير) ! .. أنا ذلك الوغد
أنا ذلك الوغد و لن أكون سواه , أنا وغدٌ عن اقتناع , أنا وغد محبٌ لمهنتي , بل هي كل ما تبقى لي من حياتي أصلاً , اسمحوا لي أن اتمسك بحقي فيه _أو لا تسمحوا .. لن أهتم , فأنا أصلاً وغد ! _ .
السبب الأول لكوني وغداً هو أني أكره التعاطف , إن قصدتني فلا تنتظر تعاطفاً , أنا لا أملك مشاعر ! , إن كنت تريد حلاً فسأحاول أن أساعدك , إن لم أفعل فاعلم أن عِظم مشكلتك بالنسبة لقدراتي كآدمي هي التي منعتني , كما منعتك أنت من قبل , لذا أستمحيك عذراً لا تعتبر ايماءاتي تكاسلاً عن التفكير أو بيعةً للقضية , لست هذا الشخص , _أقصد أنا بالفعل وغد , لكني لا أسمح لنفسي أن أتجاهل مشكلة ما , ليس لأجلك عزيزي المُعاني _ فلا تنسى أني وغد _ , لكن لأجلي , فأنا وغد مع الجميع سواي , لأن الجميع أوغاد معي سواي ..
السبب الثاني في كوني وغداً هو ايماني التام بحاجتنا إلى الألم ,أرجوك أمطرني صمتاً أيها المرهف الذى تحب الخير للجميع و تراني وغداً لأني أتمنى لهم الألم . فأولاً ؛ أنا أقررت لك بالفعل أني وغد , و ثانياً ؛ أنت لا تملك سوى ثرثرتك تلك عن "حب الناس" و "الاشفاق عليهم" , و لو قصدوك فلن تملك إلا دموعك الحانية _التي يرونها هم بالفعل شيئاً عظيماً _ , لكن اسمح لي أن أذكر سيادتك و إياهم أن دموعك تلك لن تنزل محل جروحهم فتطيبها كما في أفلام الفانتازيا ! , كل ما تحمله دموعك و يجعلهم يقدرونها هو احساسك بالشفقة عليهم , الأعز نفساً سينكر سعادته باشفاق أحد عليه , لكنه سيظل يفرح بدموعك تلك , لأنها ستحمل تبرئة له من جرمه , و وضعه محل المجني عليه بدلاً من الجاني , البرئ الحقيقي لن ينتظر منك دموعاً , سيحتاج منك أن تسعى _فعلياً_ لاثبات برائته , و سيطلب منك أن تكف دموعك لأنها غير مجدية , و تركز على وسيلة لحل تلك الأزمة , أي سيريدك أن تكون وغداً بالمصطلح الشائع !
نحن نتألم لنعيش صديقي المتألم , نحن نتألم لنرتقي , اعتبر الارتقاء شيئاً مادياً , اعتبر ارتقاءك فكرياً بمثابة تغيير محل اقامتك لمنطقة أرقى , ألن تدفع ؟! مالك في الارتقاء المعنوي هو ألمك , تألم لأنك يجب أن تتألم , إن أردت أن تشكو لي بدافع "التنفيس" فكلي آذان مصغية , أما إن أردت أن أبحث لك عن مهرب من الألم فابحث انت عن غيري ! لست وغداً لهذا القدر , أتعلم لما أصمت حينما تتكلم عن معاناتك التي لا سبيل لحلها ؟! غير أنه لا سبيل لحلها , فأنا أصمت لأن تعليقي لن يعجبك , سيزيدك ألماً و هذا ليس من سمات الأوغاد , في تلك اللحظة أريد أن أقول لك : "تألم , لا فرار من الألم , أجل بحثنا معاً عن حلول لأزمات كثيرة و وجدنا , لكن حتى الآن لا يوجد حل لتلك الأزمة سوى الصبر , سوى تحمل الألم , تحمَّل ألمك ! " , أخبرك هذا ؟! أهكذا ترضى ؟! ..
سحقاً , لن يرضيك هذا و لن يرضيك غيره , لن يرضيك سوى تعاطفاً _ لا أملكه بحكم منصبي كوغد , أو حلاً قاطعاً _لا أملكه بحكم منصبي كآدمي_ , حسناً إذن عزيزي المتألم , زد إلى ألمك ألم .. أنا ذلك الوغد و لن أكون سواه , أنا ذلك الوغد !
المصدر: شبلب ونص
شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية
ساحة النقاش