كتب_ محمد حسن عامر
كلنا نتذكر المشهد المؤثر المُحزن المُبكي المُوجع الذي تقابل فيه الأخوان الشقيقان والدموع تغرق عينهما علي جبهتي حرب لا تبق ولا تذر، لا تعرف في الدم قرابة أو مودة أو صلة رحم، ساقتهم إليها ظروف وتقلبات حياتية هي الأخري لا تقل في وصفها عن هذه الحرب، تقابل الشقيقين علي جبهتي الحرب، لم يكونوا وجهاً لوجه لكنّ مأساة قتل الاخ لأخيه واحدة ما دامت النتيجة واحدة هي أن أحدهما سيُقتل بنار الآخر"، كانت هذه هي الصورة التي أبدعها "خالد يوسف" تأليفاً وإخراجاً في واحد من أروع أفلامه، هو فيلم العاصفة، الصورة التي أراها تجددت وأُعيد إنتاجها بعد 30 يونيو وإن اختلفت مفاهيم وطبيعة ومسببات الجبهة والحرب فيها.
<!--قال لي أحد الأصدقاء دون أن أفصح عن اسمه، "نحن يا أخي نعاني من الحصار في قطاع غزّة، والله الأوضاع صعبة جدّاً جدّاً، ما في أي مقومات للحياة في غزّة، الآن الحصار الحقيقي".
<!--قلت له "أنا أعلم هذا يا أخي، ولكن أليس من حقّنا كمصريين أن نؤمّن أنفسنا من الأنفاق؟!".
<!--قال لي، باكياً، "يا أخي أقسم بالله في غزّة الآن من يموتون جوعاً ويكفي بذلك وصفاً". قلت له "حقيقة لا أجد ما أقوله وأنت بالتأكيد تعرف تقديرنا لأهلنا في غزّة، ولكن دعني أتحدث معك بصراحة، وأعلم أنّ حديثي قد يغضبك".
<!-- قال لي "تفضّل".
<!-- قلت له "يا أخي شعب غزّة يدفع ثمن اختزال حماس لمصر في جماعة الإخوان، وبدلاً من أن تكون الأنفاق مورداً للغذاء وفكّ الحصار حوّلوها إلي تجارة وبزنس، طالما أنه يُدفع لهم يُهرّب فيها كل شئ، سلاح ومخدرّات وجهاديين".
<!--قال "أخي أنا ابن حركة حماس اسمح لي بالتوضبح، اترك الإخوان ونتحدّث عن الحكومة؛ حكومة حماس"، قلت له "تفضّل"، قال "لقد كرّهني الناس بحكومة حماس من بعض الأعمال الخاطئة، ولكن أخي من واجبهم تمديد المجاهدين بالسلاح، أليس كذلك؟!!، والأوضاع عندنا صعبة جداَ انا أتحدث من منطلق إنساني، أنا أعمل في شركة ديليفري هلّأ أنا قاعد ما في شغل لأنه ما بنزين ولا سولار ولا كهرباء".
<!-- قلت " لا أخي؛ تمديد المجاهدين داخل غزة يكون لمواجهة الاحتلال الصهيوني انما حين يتلقي هؤلاء المجاهدين تدريباتهم داخل القطاع ثم يعودون لممارسة الإرهاب في سيناء ضد شعب مصر؟!! كيف يكون هذا؟؟، نحن نعامل كل الفلسطينيين باحترام في مصر وكم خرجنا في مظاهرات مناصرة لكم، أخي دعني اسألك، هل تقبلون هذا في شعب مصر؟، لماذا ترفضون رغبتنا وتصرّون علي إيذائنا؟ لماذ انتم حريصون في حماس علي مصادرة إرادتنا الشعبية في 30 يونيو؟، أنتم لم تعيشوا معنا؛ نحن عانينا في عام الإخوان وانتفضنا ضدّهم .. لماذا انتصرتم للإخوان ولم تنتصروا لمعاناة الشعب المصري ؟ أنا فقط انقل لك لسان حال أغلب المصريين بعيدا عن الإعلام.
<!-- قال " يأ أخي نحن مع الحقّ، اسألك بالله أين الحق بمصر السيسي أم الإخوان؟".
<!--قلت "الحق أنّ هناك مجموعة انتخبناها وكذبت علينا، قالوا مشروع النهضة ولم يوجد منه شئ ، قالوا عدالة ومساواة وأصبحت الوظائف للاخوان فقط... قالوا كفاءة واصبحت المناصب لاهل الثقة من الاخوان ... قالوا سياسة خارجية جيدة تليق بمصر وأصبحت مصر ورئيسها مثلاً للسخرية في العالم.. قالوا حياة كريمة وأصبحنا لا نطيق انفسنا من تأزم المعيشة ... قالوا حق الرأي مكفول وكفّروا من عارضهم..".
<!--قال "والله أتحدّث إليك من باب الإنسانيّة، انا شخصيا أعمل علي موتوسيكل في شركة ديلفيري بغزة؛وانا أصرف علي كل أسرتي!!الأن ما في بنزين يعني قعدت بالبيت وأبي مريض ويحتاج الي عناية مالية والوضع سئ، والله المستعان".
<!--قلت " يا أخي أرجوك حماس لابد أن يكون لها موقف ايجابي،يأ أخي لا نريد منها تأييدا وانما نريد صمتها، نحن مستاءون من العرض العسكري لكتائب القسام ، الذي رفعوا شارات رابعة ويتلسّنون علي جيش مصر، كما يتلسّنون علي الجيش الصهيوني!!، يا أخي ما تفعله حماس يسئ إلي المقاومة لماذا لا يأخذون هذا في اعتبارهم؟، يا اخي حتي لو كان الإخوان علي حق وما تفعلونه علي حق الحنكة أحيانا تقتضي التغاضي عن الحق من أجل أمر اكبر، واعتقد ان الحفاظ علي صورة المقاومة أهم بكثير، يا أخي أنا أعلم جيداً أنه لا تستطيع "ذبابة" حافظوا علينا كمصريين ولا تكونوا ظهراً للمسلّحين.
<!-- قال "أخي أعانكم الله علي مصابكم".
<!-- قلت له "أنا أقول لك الله موجود، لا أملك لك إلاّ الدعاء، وإن شاء الله يمُرّ ما يحدث الآن علي خير، استودعك الله".
أعتقد أن هذه هي ذاتها الصورة التي رسمها خالد يوسف واستمرت، وهذا الحديث أظنّه وجه آخر لهذه الصورة، أنا و صديقي الحمساوي، عربيين مسلمين، لكنّ كلانا يري أنه سبب معناة الآخر، كلانا يري أنه يضمر الشر للآخر، لكنّ كلانا أيضاً لديه أسي وكان يتمني أن يكون الآخر حريص عليه. صورة العاصفة قد تتكرر كاملة، في ظل دعوات هوجاء بلهاء جوفاء تطالب الجيش باقتحام غزة، "قادة جيشنا العظيم جميعنا يعلم ويدرك أنّ أمن مصر وشعبها أولوية، لكنّي أخشي أن تصيبكم اللعنة وتنساقوا وراء هذه الدعوت، أثق في قدرتكم علي حفظ أمننا دون معاناة أهل غزة، لكنّي أخشي أن نتساوي في المردود مع العدو الصهيوني ... وللحديث بقيّة.
ساحة النقاش