كتب / هاني كشك

لن أرهق نفسي بعد اليوم أن أتذكر اخر إحساس شعرت به هل كان فرحًا أم حزنًا أكان إشتياق أم ملل هل كان شعورًا بالألم أم تفاءل بأمل جديد في هذة الحياة ؟ لن أرهق ذاكراتي فقد أصبحت تمثال .. حولتني الحياة من شخص يبتسم و يضحك إلى تمثال متبلد المشاعر لا يتقن فن المشاعره مع المواقف و كلما زاد إحتكاكي بالحياة تأكد داخلي هذا الأحساس . يقولون أنها ميزة جميلة أن تسمع و لايظهر على وجهك اي إنطباع و هكذا رجال المخابرات يسمعون جيدًا و لكن ملامح وجوههم ثابتة و لكن العمر يمضي ولم أشتغل بالمخابرات فكيف تكون ميزة بالنسبة لي .

ماهي الميزة ان لا تتألم للأخرين و أن تكتفي بنظرة غامضة لهم .. أو أن يكون الموت كالحياة و النوم كاليقظة و الحب كالكراهية .. كيف لي كأنسان أن أصل إلى هذة المرحلة من الجمود ؟ وهل لي أن أعود إلى ماكنت عليه يومًا ؟ 

أنا تمثال اتحرك بين الناس أسمعهم و أحدثهم ولكني أفقد التفاعل بيني و بينهم كبركان قدره أن يظل خامدًا طوال العمر أو كصخرة لا تغير الرياح في شكلها شيء .. 

أجلس على مقعد في المواصلات العامة أتفحص وجوه الناس حولي لعلي أجد سببًأ لما أنا فيه و ما هم فيه لا أذكر أنني كنت أحسدهم يومًا على كل هذة المشاعر و لكنني فقط أتأملهم  حتى في إنفعالاتهم التي تصل إلى حد الشجار .. أتأملهم ولا أتحرك .. أذكر فقط عندما كنت صغيرًا .. الطفولة جميلة بلا شك .. براءة .. أفكار بسيطة .. صدق .. طهر.. لذلك كانت المشاعر واضحة أما الأن فقد شوهت الحياة ملامحي كطفل صغير يلعب ( البازل ) ولكنه يضع القطع في غير موضعها الصحيح فيشعر بالملل و يتركها ليتحول الى لعبة اخرى و لكنني أنظر اليها أن القطع غير مكتملة .. ناقصة ولم تكن هكذا في البداية.

إختليت بنفسي على حافة النهر و تحدثت إليها و إكتشفت أن فوضى داخل عقلي تكاد تخلعه من رأسي إنني أبحث عن إجابة لسؤال واحد فقط .. علامة إستفاهمه ( لماذا ؟)  تلك المراكب و الأغاني المنبعثة منها لم تكسر الحيرة و تلك الأسماك الصغيرة التي ألمحها بالقرب من الشاطيء لم تبعث داخلي الأمل في النجاة مما أنا فيه و كل المحبين الجالسين هناك لم يساعدوني لأتذكر أنني يومًا ما كنت في نفس مكانهم سعيدًا  و كل هؤلاء الشباب الذين يلقون بالحجارة في النهر لم أشعر معهم بالأنطلاق و تلك الأمواج الهادئة التي ترتطم بجانبيه في خجل لم تنجح في الأجابة فأكتفيت بالنظر إلى كل هذا في صمت .. وكل أيامي صمت . و كل أحوالي صمت . وكل صمت إنفجار فلماذا لا أنفجر ؟ 

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 808 مشاهدة
نشرت فى 14 مارس 2014 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,478,008

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟