كتبت_ إيمان زهران

نظرا لما تواجهه المنطقة وخاصة النظام الإقليمى العربى القائم من تحديات تفضى إلى عدد من الأزمات الداخلية والخارجية خاصة من بعد حرب الخليج الثانية والسعى نحو طرح بدائل محتملة للخروج من الأزمة ووضع بديل لإقامة ترتيبات إقليمية بديلة عن النظام العربى المنهار وكان من بين تلك الأطروحات تفعيل النظام الشرق الأوسطى .

تاريخيا ,لا يرجع فكر " الشرق أوسطية" إلى خطاب كوندليزا رايس حول ان الأحداث المتتالية فى العراق بمثابة مخاض لنظام شرق اوسطى جديد . ولكن يرجع الفكر والمفهوم إلى تيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية فى أطروحاتة حول أن ذلك المشروع يهدف بالأساس إلى ان يخيم على المنطقة السلام والتعايش دون أى إعتبارات للهيمنة او السيطرة النفعية دون اى إعتبارات للكيانات الأخرى داخل النظام الشرق أوسطى. ثم إعيد صياغتة فى كتاب شيمون بريز " الشرق الأوسط الجديد" بتخطيط إستراتيجى متعدد المجالات والمراحل

لكن ,عودة المفهوم مرة أخرى للظهور يرجع بالأساس إلى النتائج المتتالية لحالة " الربيع العربى " وخاصة وأن المتتابع لسير الأحداث له أن يصل إلى نتيجة حول ان الإشكالية الرئيسية والتى تخيم على المنطقة لا تخرج عن نطاق فكرة " تبادل الإدوار" وسعى الأنظمة الإسلامية لإحتكار السلطة عملا بمقولة " فرصة للحكم " . ولعل ما حدث فى أغلب دول الربيع العربى يرسخ لتلك الإطروحات .

كشفت فترة الربيع العربى دخول الدول فى صراعات التحدى إستنادا على أنظمة الحكم  وأشكال الدول ومن له الغلبة فى إدارة البلاد فيما بعد مرحلة الثورات. فلقد لعبت الإحتجاجات الشعبية دورا ليس بالهين فى توسيع وتيرة الصراع ونطاق التنافس ؛خاصة أنها أضعفت الدول الشمولية مما سمح للدول القوية والتى تسعى لبسط النفوذ داخل المنطقة للدخول كفاعل إقليمى مؤثر . ولعل الحالة السورية أبرز مثال على ذلك .

كذلك الحالة المصرية ؛ نظرا لحالة التشتت والأرباك الداخلى واستشراء العنف وتسارع وتيرة الإستقطاب المنظم على أختلف مجالاتة السياسية داخليا وخارجيا . جميعها عوامل ساهمت فى فقد مصر موقعها كدولة مؤثرة داخل النظام العربى وأبعدتها عن ساحة التنافس الإقليمى . ولعل أزمة حوض النيل خير مثال على تراجع الدور المصرى وضعف الهيمنة التنافسية فى المنطقة .

فكرة الشرق أوسطية لا تخرج فقط عن النطاق الإسرائيلى – الأمريكى وأطروحاتهم حول السلام القائم على التعاون والإندماج والتكامل . ولكن ؛ هناك الطرح الإيرانى حول فكرة " النظام الشرق أوسطى الإسلامى " وهو ما لاقى صدى لدى النظام التركى والذى أخذ على عاتقة تدعيم الأحزاب الإخوانية فى دول الربيع العربى خاصة فى كلا من مصر وسوريا كبداية للبسط الهيمنة وإستعادة الدور العثمانى فى المنطقة . وهو ما يفسر الموقف التركى المتصلب والانتقاد العلني النادر من الحكومة التركية لواشنطن بعد إطاحة محمد مرسي في مصر.

مقابل الطرح الإسلامى لإعادة التشكيل الأوسطى بنظم عقائدية سياسية إسلامية ؛ هناك دول تسعى لدعم النظم الليبرالية بما يتوافق وخدمة مصالحها فى المنطقة وفى مقدمة تلك الدول السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والأردن , والتى سارعت إلى دعم ثورة 30 يونيو بمصر والتى أطاحت بنظام الإخوان المسلمين ودعم التدخل العسكرى فى فرض الشرعية الشعبية فى تعبير يستشف منه الرفض لمخرجات " الربيع العربى" خشية أن يكون عامل عدم استقرار يهدد أنظمتها الحاكمة .

على المستوى السياسى ؛ يستشف أن الصراع القائم صراع إيدولوجى بالأساس وهو محاولة تثبيت كل طرف النظام المتوافق له تمهيدا لبسط الهيمنة وإعادة تشكيل التحالفات بما يخدم المصالح . بينما, على المستوى الإقتصادى هناك مجموعة من المشروعات والتى تهدف إلى الإندماج والتداخل الإقتصادى الإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط  تبدأ بمشروعات الطرق والتى تسهل لإندماج جميع الدول داخل المنظومة الشرق أوسطية بما فيهم إسرائيل حيث من ضمن المشروعات المقترحة التالى :

<!--مشروع بناء طريق رئيسي على شكل معبر على طول الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط يشمل بناء طرق جديدة أو تحسين الطرق القائمة، ويبدأ من مدينة كسب على الحدود السورية مع تركيا مرورا باللاذقية بيروت حيفا تل أبيب رفح على الحدود مع مصر، وسيربط هذا الطريق الساحل الشرقي للبحر المتوسط مع أوروبا وشمال أفريقيا.

<!--[if !supportLists]-->2.مشروع يرمي إلى انشاء خمسة ممرات تمتد من الشرق الى الغرب ويربط إسرائيل والأراضي المحتلة والأردن وتسرع اندماجها الاقتصادي .

<!--مشروع رئيسي ثالث سيعمل على الربط التقاطعي للشبكة الكهربائية الأقليمية في مرحلتين، المرحلة الأولى: تضم (مصر – إسرائيل – الأردن – الأراضي المحتلة – سورية)، المرحلة الثانية: تشمل إضافة دول الخليج، تركيا، إيران إذا رغبت هذه الدول وتم التوصل لحل بعض المشاكل السياسية .

إضافة إلى المشروعات الهندسية الجيو- اقتصادية هناك مشرووعان أخران حظيا بالإهتمام الدولى والتخوف العربى الإقليمى وهو " إنشاء بنك التنمية الإقليمى الشرق أوسطى ، وإنشاء منطقة إقليمية للتجارة الحرة " بما يسمح بتكامل كافة الدول داخل نظام إقتصادى شرق أوسطى تم وضع سيناريوهات موازية تستهدف إعادة الترتيب لبلدان المنطقة العربية بما يتلائم مع متطلبات النظام الشرق أوسطى الجديد . إضافة إلى أنة تعويلا على الظروف السياسية والمتغيرات المتلاحقة بالمنطقة يمكن أن تنضم إيران والجمهوريات الإسلامية داخل أسيا الوسطى الى النظام الشرق الأوسط  إضافة إلى دائرة الشمال الأفريقى ودول المغرب العربى .

لكن, على الرغم من تلك الإطروحات الفاعلة  هناك عدد من التحديات والتى تحول دون إستكمال المنظومة الشرق أوسطية ومنها و يقوم على أساس غير عادل، سواء من الناحية السياسية أم من الناحية الاقتصادية.

سياسيا؛ هذا النظام قد صيغ من خارج المنطقة العربية ليحقق أهدافاً استراتيجية لآخرون، والتجارب التاريخية أفضت إلى أن الأنظمة الاقليمية التي تفرض من الخارج وتفرض ضد مصلحة الشعوب ومن ثم لا تستمر,إضافة إلى السعى نحو تغير وجه المنطقة العربية وإحلال هوية جديدة محل الهوية الخاصة بالمنطقة .

إقتصاديا؛ السعى من خلال المشروعات الإقتصادية إلى تقسيم المنطقة العربية بما يتوافق مع الأهداف الإسرائيلية وبمباركة أمريكية خاصة مشروع "السوق الإقليمية " وتقسيم المنطقة إلى دوائر إقتصادية وفقا لطبيعة التعامل وإستنادة إلى إطروحات " نافتا " الإقتصادية والتى تعبر عن الإنسياب الحر للسلع الإقتصادية الإسرائيية دون موانع او رقابة كما يحدث فى التجمع الإقتصادى لدول البينيلوكس.

إجمالا ,إعادة الطرح الخاص بـ " الشرق الأوسط الجديد" جاء نتيجة للتغيرات المتلاحقة لإحداث الربيع العربى وفشل القوى الإسلامية فى السيطرة وأحداث العنف المتسارعة فى مقابل الطرح الإقتصادى لإعادة التكامل بما يتوافق مع أهداف الفاعيلين إقليميا ودوليا دون النظر لإى إعتبارات إقليمية او وطنية أخرى.

shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1132 مشاهدة
نشرت فى 21 يناير 2014 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,536,261

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟