كتبت_ إيمان زهران
صارت قضايا المرأة ذات جدلا عاما وقضية اجتماعية بالدرجة الاولى اكتسبت زخماً ملحوظاً منذ بداية التسعينات، فبعد ان كان حضور المرأة مسألة تشغل مجموعات نسائية وتجمعات حقوقية وتثور على مستوى الدوائر السياسية فى ظل نظم الخمسينات والستينات التعبوية تدفع بها الدولة حينا فتقبل بتحصيص – على سبيل المثال – مقاعد فى البرلمان ثم تتراجع عنها حياناً أخر. وتزعم أن المساواة هى الأصل رغم عدم نضج الثقافة الاجتماعية والسياسية لقبول تواجد المرأة فى الدوائر سواء سياسية او اقتصادية او اجتماعية.
فى ظل غياب الديمقراطية عن نظام الحكم قد تتشكل حركات وفقاً لأهداف معينة، وتعتبر الحركة النسائية احدى اقدم تلك الحركات وتعمل فى اطار تعزيز المصالح الحقوق الجماعية للمرأة.
فالحركات الاجتماعية تشكل جزءا مهما من موجة الحركات التحديثية لشرح كيفية واسباب نشوء الحركات الاجتماعية وتطلعاتها وكيفية قيامها بتعبئة الموارد وتوسيع قاعدة العضوية فيها وتوصيل رسالتها وماهية تأثيرها.
لذا؛ نجد أن هناك مؤشرات وحجج للمطلب النسائى فيما يتعلق بالمساواة كرد فعل نابع من الشعور بالتميز السلبى ضد المرأة فى كافة مناحى الحياة، والنظر للمرأة باعتبارها مواطنة من الدرجة الثانية، ولذلك فهناك سلسلة معقدة من العقبات التى تحول دون حصول المرأة على كامل حقوقها الاجتماعية والسياسية والمدنية والقانونية.
فيما يتعلق بالحجج الداعمة لمطالب المساواة؛ نجد ما يتعلق بالتمييز القانونى حيث تتضمن دساتير معظم دول الشرق الأوسط فقرة تكفل المساواة ما بين جميع المواطنين . ولكن على الرغم من ذلك تواجة المرأة فى مختلف انحاء الاقليم انماطا قانونية من التمييز المنظم خلالها لا تحصل المرأة على مكانة مساوية لمكانة الرجل بمقتضى قوانين المواطنة وكذلك لا توفر القوانين اى حماية حقيقية للمرأة ضد العنف داخل الأسرة وتتعامل مع شهادة المرأة باعتبارها أدنى من شهادة الرجل فى القضايا التى يتم فيها اقامة دعوى الاغتصاب او العنف المنزلى امام السلطات القانونية .
وكذلك تخضع المرأة لمعاملة غير متكافئة فى قوانين العمل الخاصة بمعظم دول الشرق الأوسط، ويمكن ان يتم حرمانها من حقها فى التوظيف فى مهنة محددة والتمييز ضدها فيما يتعلق بمزايا العمل وقوانين المعاش.
كذلك ما يتعلق بالتمييز فى قوانين الجنسية والمواطنة حيث لا تتمتع المراة بنفس حقوق المواطنة والجنسية التى يحظى بها الرجل فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ؛ فبمقضتى قوانين المواطنة يستطيع الرجل الزواج من امراة اجنبية علما بأن زوجته يمكنها ان تحصل على حقوق المواطنة والجنسية التى يتمتع بها وعلى النقيض من النقيض من ذلك لا تستطيع المرأة التى تتزوج من أجنبى ان تمنح زوجها حقوق المواطنة والجنسية.
إضافة إلى ذلك؛ هناك صورة فجة للتحيز المجتمعى ضد النساء اللاتى يشتغلن فى المناصب القيادية سواء فى الحكومة او المجتمع وهذا التحيز ينتهجة الرجال بشكل اساسى فى حين ان هناك نماذج ايجابية للمرأة التى شغلت مناصب فى اطار السلطة وذلك فى اطار من مواجهة للصورة النمطية للمراة المتكاسلة.
ومن ثم فنماذج تلك النساء الرائدات يمثلن حجج قوية تقف امام صورة التحيز التقليدى الذى ينذر دائماً بالإنهيار المجتمعى فى حالة تولى النساء للمناصب القيادية.
قضية المرأة محكا للصراع السياسى واثبات المفارقة والمفاصلة المبدئية بين التيارات الفكرية المختلفة . ولم يكن الأمر عن هذا الحد؛ فهذا ما نسميه الحجج المعارضة الاكاديمية، ولكن مازال هناك حجج معارضة اخرى لمطالب الحركات النسائية الخاصة بالمساواة والتى غالباً ما تصاغ تلك الحجج بألفاظ مفعمة بالانفعالات مأخوذة من الدين والتقاليد والثقافات، وهو فى نظرى حجج الغوغاء فالبعض ينتقد بشدة مبدأ المساواة خاصة وأن ذلك المطلب يرتبط فى اذهان البعض بالإباحية وانحطاط القيم الاخلاقية والبعض وصف ذلك المطلب بأنه " بلا هدف" والبعض غالى فى حجة المعارضة بأن تلك المطالب مفروضة عليان من الغرب إلى جانب انها تتعارض مع قيم ديننا وتقاليدنا وثقافتنا. اى دين هذا يحط من كرامة الانسان ويحطم انسانيتة وكافة الاديان تدعوا للمساواة.
وإجمالا للحجج نجد أنها تنوع بتنوع التقاليد الفرعية الحاكمة للمرأة والتى يجب اخذها فى الاعتبار عند الدراسة والتحليل وعند صياغة رؤى التغير والتحرير، ايدلوجيا وجهويا. فالحديث عن المرأة كوحدة تحليل يحمل درجة كبيرة من التبسيط يفضى الى مزيد من الفهم والتفسير والتقويم ولكن لا تساعد على صياغة خطط فعالة لتحقق تحسنا ملموسا فى اوضاع المرأة.
كذلك؛ هناك عدد من الجدليات الروحانية والماديات والتى تعد بمثابة محكاً للبعد الثقافى فى تفاعلة مع المعطيات الواقعة والتحولات الجارية فى ابنية الاقتصاد والاجتماع وهى مناط الاجتهاد .كما انها مناط البعد الثقافى والاجتماعى الذى يغيب احيانا فى ظل عولمة الاجندات سواء اجندات التنمية او الديمقرطة او النهوض بالمرأة .
ساحة النقاش