بقلم :- عزة مريش
كان يامكان في إحدى أيام الزمان ..كان هناك طفلة تبلغ العاشرة من عمرها ورغم صغر سنها إلا أنها كانت لبقة في الحديث وفصيحة اللسان تفكر بذكريات الماضي وتعيش بروح الحاضر ، خرجت يوما من الأيام من غرفتها التي تعلو إحدى التلال المطلة على ساحل الشوق وبحر الزمن مضت وليس في جعبتها غير دموعها التي كانت تحملها فوق جبينها البريء الممزوج بحسرة الفراق
سارت بكل هدوء وتأمل وكانت الشمس حينها توشك على الغروب ، تحركت حبات الرمال تحت قدمها كما تتحرك المشاعر على صفحات القلب ، كان شاطئ البحر يتزين بالأصداف ، وكانت موجات البحر تتقلب كتقلب الأيام ،ظلت ترقب انسياب وقوة الموج حتى وصلت الى امام صخرة فرأت قسوة الموج حين يرتطم بتلك الصخرة الصامدة ثم قالت بنبرتها الحزينة مااقسى الأيام !!
ومااقبح القسوة !!
رفعت بصرها باتجاه البحر لتخبره بالأمر الذي يشغل تفكيرها ..
ثم قالت: آه آه أيها البحر الجميل
لكم سأحكي لك من حكايات وكم سأذكر لك من ذكريات ..
لكن هل ياترى ستسمعني وتصغي إلي ؟
أم ستقول ابتعدي أيتها الطفلة الصغيرة كما يقول لي بعض الكبار !
صمتت قليلآ ثم ابتسمت ابتسامة تخالطها الدموع ، فقالت أيها البحر الذي يحمل أسرار البر
لقد كنت امتلك حضنان حضن أمل,وحضن أمان
لكن حدث !!
ما لم يكن في الحسبان ..!!
في إحدى الأيام نظرت إلى خلفي فلم أجد الحضن الذي كان دائما مثل ظلي كان سر سعادتي لقد كنت استمتع بحديثه وهو يحدثني عن الاعتماد عن النفس وعن روعة الحياة وأسرار السعادة
ولم أكن أدرك حينها انه سيفارقني وسيهاجر بعيدا عني كما تهاجر الطيور بحثا عن رزقها
لقد فارقني الأمل وصرت من دونه كالجسد بلا روح ، ولكن عزائي كان في بقاء الأمان إلى جواري كان لي حضن أمان اشعر من خلاله بالدفء والحنان .
وفجأة !!
بعد مرور الأيام لم يبقى لدي إي حضن
ولكن أين ذهب هؤلاء الأحضان ؟؟!!
مات حضن الأمان وحضن الأمل ذهب إلى خارج البلاد وتركني هنا أتجول على شاطئ البحار ولم يبقى لدي إلا الذكريات !!!
فـــ رفعت يديها إلى السماء قائلة :
يامجيب الدعوات ويارافع السماء بلا عمدان وياجاعل السماء زرقاء على زرقة البحار اجعلني بين يديك وحفظك !!
فتوقفت من الدعاء ناظرتا إلى طائر في السماء يحمل ورقة بيضاء، فرمى الطائر تلك الورقة للطفلة فتحتها !!
فرأت انه مكتوب عليها ((( أبنتي الحبيبة :-لم اذهب إلى خارج البلاد أريد مفارقتك ولكن ذهبت إلى هناك لأؤمن حياتي وحياتك وسأعود لك قريبا بإذن الله )))فضمت الرسالة إلى صدرها باكيتا وهي تقول: عذرا أبي العزيز ....
مااصعب ومااقسى تلك اللحظات التي يمر بها هؤلاء الناس لكن هكذا هي الحياة أناس كثيرة تفقد الغالي والنفيس تحرم من الحنان وتحرم من الحياة الجميلة يفقدون ويظلون ينتظرون شيئا لن يأتي يمضون ليجدونه ولكنهم يصلون إلى سراب يقفوا أمامه عاجزين منهزمين من أقدار الحياة ولكن يبقى الأمل الوحيد هو ( الله سبحانه وتعالى ) من يرضي العباد ومصبر البشر على المصائب والأقدار هو الذي ينهض الإنسان إذا كسل ويسرعه إذا بطء والذي جعلنا جميعا متمسكين بالأمل الذي لن يفلت منا ابدآ !!!
ساحة النقاش