كتب_ عمر سمير
يتحدث السيد عز الدين شكري عن باب الخروج من أزمتنا منذ ثلاث سنوات تناوله في رواية ولا زال يتناوله بمجموعة من المقالات، وهو جهد جد متميز وعميق ويقدم رؤية جيدة ومتميزة، لكن سيدي الحلول لا تعمل في فراغ والنظم الثلاث التي تعاقبت على السلطة منذ مجلس طنطاوي وحتى الآن، ليست مستعدة لسماع صوت العقل أو الضمير الذي تتحدث منه وعنه وكنا نحن حتى كشباب بعد أن مللنا بعض الشيء نبرات الحديث عن التغيير الجذري مقتنعين به نوعا ما.
المشكلة الأكبر يا أستاذي أن فرص بناء مثل هذا التيار الآن باتت أصعب بكثير مما كانت عليه في عهد مرسي والإخوان بل مما كانت عليه في عهد مبارك لآن رموز هذا الاتجاه الآن إما معتقلين أو في طريقهم للاعتقال وحكم العسكر لن يترك فرصة لظهور مثل هذا التيار بل لن يسمح لمواطن بتشغيل سيارته مواصلات مجانا هذا ما لا يريد أن يفهمه عز الدين شكري وطريقه وكثير منا، أخطأ الجميع حينما لم يسمعوا كلمة الشباب أنه "لا دستور تحت حكم العسكر"التي قيلت في 2011 وقيلت في 2012 وقيلت في 2013، ولم يستمع إليها أحد رغم أنها كانت ممكنة في حينها المشكلة أعقد مما يتصور واسأل من يعملون في هذا الاتجاه شوفوا بتوع مصر القوية اللى اتحبس منهم أكثر من 20 شخص عشان تعليق لافتات تدعوا للتصويت بلا، وحتى التيار الشعبي وقولولهم مجهوداتكم اتكبلت ولا لا من 3 يوليو؟ بقولك الناس بتهرب المساعدات لأهالي سيناء تهريب ولما اتمسكت ناس من رسالة اتحبسو 15 يوم الموضوع كبير يا أستاذي النظام الحالى لا يترك لنفسه حتى فرصة ليعيش بغير القوة.
وعلى رأى أحد أصدقائنا "حق التظاهر والاحتجاج على النظام صدُرَ بالقمع وتلفيق التهم والقتل بالرصاص الحي.. حق الاعتراض على السلطة بالكلام والبعبعة صدُرَ في الإعلام الرسمي والخاص.. حق المعارضة السياسية تحت سقف النظام صدُرَ بدليل ما حدث في الاستفتاء من قمع المشاركين في حملات رفض للدستور". الحق إنك تتكلم مع أصحابك على القهوة أو في الجنينة، وتفك عن نفسك بكلمتين عن أحوال البلد، تمت مصادرته. حق اعتزال السياسة واتقاء شرها تمت مصادرته ايضا بدليل التلفيقات لوائل غنيم. الحق في إنك تبقى جزء من السلطة ومتبني خطها، بس تكون مختلف على طريقة تنفيذ بعض قرارتها، ايضا تمت مصادرته بدليل تخوين وترهيب زياد بهاء الدين واللي زيه. الحق في إنك تكون مواطن مالكش دعوة بالسياسة وماتتبهدلش من الأمن في كمين، أو إنك ماتتمسكش أو تتقتل عشوائي جنب مظاهرة مش مشارك فيها، أو تطلع بعدها من غير تلفيق قضية، تمت مصادرته. إيه اللي فاضل؟
نظامنا نظام لا يسمح بالتظاهر كوسيلة للتعبير عن الرأي بل ويقسم الشعب لمؤيدين له مشمولين بالعناية والكوبونات، أو أعداء له بطابورهم الخامس لا يسمح لهم حتى بمجرد التعبير عن آرائهم عبر الفيس بوك هل سيسمح هذا النظام ببناء تيار ديموقراطي لم يترك رمزا موجودا أو محتملا له إلا واعتقله أو اتهمه بأنه عميل وانظر لحال الدكتور البرادعي والدكتور عمرو حمزاوي ومصفي النجار، انظر سيدي إلى نصوص التسريبات هؤلاء يخشون من احتمالية وجود برلمان يناقش ميزانياتهم وحساباتهم، هؤلاء لم يقفوا ضد مرسي وجماعته بل وقفوا ضد الثورة التي يعتبرونها نكسة حقيقية ويحاولون الانتصار عليها وتصحيحها وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه.
عزيزي إذا كنت تتحدث عن باب الخروج فإننى لا أري أن الخروج من الباب لم يعد ممكنا لا بالنسبة لهذا المسار أو المعارضين له بسبب تلك الممارسات التي يمارسها النظام وتمارسها القوة الرئيسية المناوئة له متمثلة في جماعة الإخوان المسلمين، فلا يستطيع أحد منع أهالي وأصدقاء الشهداء والمعتقلين من كافة التيارات من الخروج في مظاهرات ضد سلطة لم تكلف نفسها بإجراء بسيط لإثبات حسن النية كالإفراج عن مجموعة من المتظاهرين من كل تيار حتى، سيدي الفاضل لم يعد لدي القوي الديمقراطية التي تتحدث عنها باب للخروج أو رفاهية اختيار هذا الباب بل لم يعد لديها باب غير الثورة والثورة فقط وإن بوسائل مختلفة.
عزيزي عز الدين أراك تقترب شيئا فشيئا من الخطاب الذي ساد في أواخر عهد مبارك وإن كان من غير قصد ، وأراك أيضا تقترب من الوقوع في الأخطاء الرئيسية للثورة وهي التعامل بسذاجة مع النظام الموجود باعتباره أمرا واقعا يجب العمل من داخله لتغييره ولا سبيل للخلاص منه إلا ذلك الطريق على الأقل أري مقالاتك وبوابة خروجك تستبطن ذلك، وحقيقة ساذج من يعتقد أن نظاما سيقوده جنرال أو يحصنه وتقف خلفه كل مؤسسات الفساد والقمع سيسمح بفوز تيار ديمقراطي بنسبة قادرة على التغيير والتأثير ناهيك عن سماحه للدعاية لمرشحين مناوئين له سواء في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، أعزائي بعض أساتذة العلوم السياسية رجاء الاعتراف بعجزكم عن تأطير وتفسير ما حدث ويحدث والتوقف عن التنبؤ بما سوف يحدث لأن الحدث لم يتوقف بعد فقط يمكنكم ترشيد غباء السلطة أو قمعها لتقولوا لها أي الوسائل أفضل وأرخص وأكثر نجاعة للتعامل مع المتظاهرين العزل، أو لتتخذوا موقف المتظاهرين وتقولوا لنا أي الطرق أنجع وأفضل وأقل كلفة لمواجهة النظم القمعية ومتي نوجه ونختار موجتنا وبأي وسائل؟؟؟ فالحديث عن القيم الديمقراطية أو عن النصر الذي بات وشيكا شيء جيد لكن الأجود منه هو وسائل تحقيقهما الواقعية مع الاعتراف بأن الثورة خيار واقعي أيضا.
ساحة النقاش