كتبت_أميرة الوصيف

مُحال أن تحتمل مساء غامض يُبقيك ساهراً بلا دافع !
لا أود الكذب , لا أفضل اعتناقه ديناً كغيرى
فربما هناك دافع من سهرتي هذا المساء
ليتني أضع يدى على هذا الدافع
أشعر بحالة من الإحباط المقصود
لم أنا ساهرة ؟
لم أعادي قمر ليلتى ؟
ولم أشكو نفسي لنفسي ؟ !
الدوافع بمنطقيتها وجنونها أرهقتني زحاماً
وفجأة لامست ذاكرتي شيئاً مادياً
ربما كان وجه هذا الطفل هو الدافع
رأيته على أول طريقي بالبوسنة
وجهه داع للتفاؤل من بعيد
بعد اقترابه
اختلفت الصوره , وتبدل الوجه
هناك على بعد أمتار
وجدته باسماً
صاحب معنويات شاهقة تفوق إرتفاع قمة إفرست
من بعيد شاهدته من هؤلاء الأطفال مالكي مفاتيح السعادة والنجاح
على أول طريقى إعتقد أنه حالم صغير يشدو كل صباح
دون أن يحمل هموم الغد
على بعد هذة الأمتار
تخيلته مدللاً !!
أحسسته يقفز للأعلى ويتمايل على جانبي الطريق من فرط السعادة
 هناك
رأيته يرتدى ألواناً طفولية داعية للبهجة
وفجأة
تاهت الأمتار في دنيا الإقتراب
وأصبحت مجاورة للطفل بالطريق
لم يلتفت الي
لم تجذبه هيئتى , ولا لغتي , ولا تعبيرات وجههي الصارخة بالدهشة
"ماهذا" ؟ "هل من أبجديات العقل أن أراه على بعد أمتار بصورة أخرى حطمت ملامحها اللامسافة " ؟ !
شعرت وكأن أحدهم من صانعي الحرب مارس موهبتة السوداء
في خداعي بصرياً ؛ آملاً في أن يمتد ويصير فكرياً بالتبعية
 توقفت قارعة أجراس النداء العلني
بكل مالدي من صوت وإحساس
راقت آذان الطفل لنداءى
فإذا به ينظر الي بشىء من الرهبه
 وأن ترهب طفل هو بحد ذاته أمر لا إنساني المذهب
فإستجمعت لباقتي التى ربيتها على قواعد الحب والإحترام ودنيا المساواة وخلافها من قيم تعلمت كيف أحيا بها ولها منذ انضمامي لمنظمة "اليونيسيف" المعاونة للطفل بأرجاء واقعنا المزدحم
 بأمر اليونيسيف الإنسانى خاطبت الطفل، تحدثنا لمدة من الوقت لا أذكر كم كانت؟
خانتني ذاكرتي حينها
وقد أكون أنا من أعطيتها ميعاداً آخر ولم أذهب !
 شغلني الطفل الذي بقربه
لم أجده طفلاً أبداً
وجدته كهلاً في جلباب صغير
وله عصا يتوكأ عليها
 علمت منه أن طفولته شاخت بفعل الحرب
ودماء القتلى، وسواد الأدخنة،  وبرودة المشاعر
وإقتلاع الجذور، وضياع الحنين
جميعها جعلته يبدو شيخاُ في عمر طفل لا يفقه طلاسم غده
رغم القهر بالبوسنة
أخبرني أنه أخذ عصا جده ليسعى في الأرض أملاً
إذا فحقاً ما رأيت
تلك الروح المبهجة التى استشعرت بوجودها بكيانه قبل اقترابي منه
لم أكن أتخيل ولم تكن خدع وضعها أعداء السلام في طريقي
انها عصا التحدي التى أستند عليها ليجد واقع غير الواقع
واقع يأتي بالشمس رغماً عنها
" البوسنة تحلم بعودتي ملاكاً يصلح أعمال الشياطين "
عبارته الأخيرة , قالها لي ومضى
بأقدامه الثابته نحو الأمام
لا أعلم الى أين ذهب ؟
ولا كيف سيعود ؟
وما المهم في أن أعرف أنا

الأكثر جدوى أنه يعرف طريقه جيداً بحجم يقينه بأجساد ووجوه القتلى من ذويه بالبوسنة !

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 687 مشاهدة
نشرت فى 9 يناير 2014 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,477,582

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟