كتب_ عمر سمير
كثير من منتقدي نظام مرسي وأنصار مسار 3 يوليو ما يعزون نقدهم إلى خطأ فادح في بعض من قراراته إن لم يتعسف بعضهم ويصفها كلها جذافا بأنها خاطئة، ويسارع بوصمه بالرئيس الفاشل، وربما أتفق مع هؤلاء في بعض من منطق نقدهم له من حيث خطأ بعض قراراته، ولكن تعالوا بنا نفند هذا المنطق، بالتأكيد البعض منا لم يكن راض عن أداء محمد مرسي وربما لم يعصر على نفسه ليمونا ولم يختاره بالأساس، ولكن إذا كان وفقا للبعض قدرنا أن نختار بين سيء وأسوأ فعلينا أن نطبق هذا المنطق على مرسي ومن بعده، وإن كنت لا أحب هذا المنطق وأعتقد أن مصر تستحق أفضل بكثير ممن حكموها بعد الثورة، وهو منطق الثورة ذاته.
إذا كنت ممن يسمون أنفسهم مجازا أبناء الطبقة الوسطي التي هي في الحقيقة عليا وتقضى كل مصالحها بالتليفون وتمتلك شوفير وسيارة فارهة ولديها في عائلتها الكثير من القضاة والضباط بحيث تقضي مصالحها بالمحسوبيات التي تسمي مجازا الخدمات والمجاملات ورد الجميل ( من أنصار دولة المحاسيب) فلن يعجبك كلامي مطلقا وسوف تسارع إلى اتهامي وكل من يطرح كلمة ثورة على لسانه – وخاصة إذا كان يقصد بها ثورة 25 يناير- بأنني عدمي وفوضوي ومن العيال الصيع اللي كانوا بياخدوا 50 دولار وكنتاكي وبيعطلوا محلات البيتزا وبيعكننوا عليك ومش بتلاقي بيتزا وأنت هنا لست مخاطبا بالمرة بمقالى هذا اللهم إلا من قبيل دعوتي لك لمراجعة أفكارك وانحيازاتك المسبقة للنظام الذي يمثل مصالح القلة التي تنتمي لطبقتك، قبل أن تأتي الموجة القادمة للثورة ولن تبقى لكم أخضر أو يابس وتستحل أموالكم ومصادر عزكم ومجدكم وتجردكم منها.
إذا كنت ثوريا فسوف تتفق معي بداهة على ضرورة وحتمية تغييرات جذرية لأجهزة سيادية متغلغلة فى أدق تفاصيل حياة المصريين ومسيطرة تماما على عملية صنع القرار منذ السبعينات على الأقل وأول هذه الأجهزة السيادية هى وزارة الداخلية، لأن الثورة قامت أساسا ضد انتهاكاتها المتكررة وامتهانها لكرامة المصريين، وستتفق معي أن أكبر خطأ لمحمد مرسي ليس التضييق الزائف على الحريات أو الاصطدام بالقضاء أو مؤسسات الدولة وإنما تراخيه عن البدء بإصلاح المؤسسات كل المؤسسات إصلاحا جذريا، وبالمناسبة وإذا فشل غيره أيا كان تياره في المستقبل في إخضاع هذه المؤسسات وأولها وزارة الداخلية لعملية إصلاح شاملة فسيسقط حتما، لأن جغرافيا الغضب سوف تتسع وتشمل عددا أكبر من المتضررين من أداء الجهاز الإداري للدولة المتضخم بطبعه والذي دوما ما يفسد الثورات في تاريخ مصرنا المعاصر ويعيق تقدمها للأمام حيث يتصرف باعتباره حزبا يمكن تسميته بحزب الدولة وليس كجهاز دولة يجب على الأقل تحييده كشرط مبدئي لنجاح أي ثورة أو موجة ثورية مقبلة، وسؤالي هنا هل طرحت ترتيبات 3 يوليو أيا من تلك القضايا أمام الجماهير الهادرة التي قيل أنها خرجت من أجل هذه المبادئ الثورية الخالصة؟
وإذا كنت مواطنا عاديا لا بيه ولا عليه، ومن بتوع نظرية أحيينى النهارده وموتني بكره، فأنت لا تريد أكثر من دولة تسيبك في حالك تاكل عيش وتأكل عيالك وأسرتك، وفى الحقيقة هذا لن يتم دون إصلاح الشرطة وأجهزة الدولة التي تجعل المواطن البسيط يشعر بغربة في وطنه كلما ذهب ليقضي إحدي مصالحه من أي منها، عزيزي المواطن العادي أي نظام مستبد ظالم لن يحييك اليوم ولا الغد إلا إذا توافقت مع مصالحه وسلمت له روحك ونفسك وعقلك وسرت خلفه كالحيوان بدعوي أنه يحقق لك الأمن وبيوفرك خدمة هنا أو هناك تتحصل عليها بطلوع الروح وبشق الأنفس.
تعالوا نفكر بمنطق أن ثورة قد كانت هنا منذ ثلاثة أعوام وربما ثورتين كما يحلو للبعض أن يقول دون أن يعرف مضامين الثورات وحقيقتها ومدي قدرة أجهزة الدولة على الإجهاز عليها باسم حمايتها أو إنقاذها، تعالوا بنا نتفق أن عنجهية الأجهزة الأمنية وإطلاق يدها في كل شيء كان سببا رئيسيا لسقوط أنظمة مبارك والمجلس العسكري ومحمد مرسي وهو في طريقه للقضاء على المسار الحالي إن عاجلا أو آجلا، وتعالوا بنا نرتب على هذا الاتفاق أن إصلاح هذا الجهاز جذريا أمر حتمي لبقاء أى نظام وللحفاظ على الحد الأدني من كرامة وأمن الشعب نفسه.
قد تكون ممن لديهم عقدة أن الطرف الفلاني باعنا في الشارع العلاني أو في المجزرتين العلانيتين لكن في النهاية القمع والعنف وإرهاب الدولة حين يقع لن يفرق بين أى من الأطراف التي تشارك حدا أدني من الثورية أو حتي تثور وفقا لالتقاء مصالحها مع الثورة، لكنني لا أملك رفاهية النفسنة والمكايدة السياسية تجاه أى طرف أو حتى التضحية بالمباديء مؤقتا لأننا في معركة وهمية مع الإرهاب الذي نصنعه بأيدينا ولست من أصحاب نظرية النقاء الثوري لكن صاحب أدني قدر من الوعي الثوري يدرك تماما أن معسكر الثورة المضادة أو حتي معسكر "على قديمو" بتعبير أستاذنا الفاضل أحمد عبد ربه، الآن أصبح أكثر قوة بسبب رعونتنا أحيانا واتباعنا لمبدأ المواءمات السياسية ضيقة الأفق والتي لم تدرك قوة الثورة وقدرة الشارع على التغيير ولحظات وأوقات توجيه الضربات الموجعة لشبكات فساد ومصالح النظام القديم ولم تدرك متي تقف ضد شريك ثورة ومتي تقف معه، وتحتفظ لنفسها بقدر محلل من الإقصاء للشركاء، فهل نفعلها ونشكل حركات اجتماعية قوية وقادرة على التغيير في البني الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بالإضافة للتغيير الثوري للنظام السياسي، هل نقف معا للدفاع عن قضايا محددة ولو كنا مختلفين أيديولوجيا؟؟؟
ساحة النقاش