كتبت_ ايمان قميحه
ظن أردوغان نفسه أنه سيكون خليفة السلطان محمد الفاتح بدعمه للدول العربية في ربيعها ببعض المساعدات والمواقف السياسية وأن وقوفه بجانب التيارات الاسلامية في تلك الدول سيعيد الدولة العثمانية على الخارطة الدولية من جديد وتناسى أن ثورات هذه الشعوب ما كانت إلا للحرية ورفض التبعية ولم تكن من أجل الدين.
أردوغان الذي وقف في ظهر جماعة الإخوان المسلمين المؤمنة بفكرة الدولة الاسلامية الكبرى يعاني الآن من دعمه لتلك الجماعة واتخاذه للتيار الإسلامي سبيلا للوصول لمبتغاه وكان الإسلام السياسي عاد لتركيا من خلال نجم الدين أربكان الذي أسس حزب النظام الوطني والذي انحل يعد تأسيسه بـ9 أشهر ليدعم نفس الحزب تحت اسم جديد وهو حزب السلام الوطني واستطاع من خلاله المشاركه في الحكومة الائتلافية عام 1974.
وعلي الرغم من الانقلابات العسكريه التي شهدها التاريخ التركي إلا أن أربكان أستطاع أن يكسب ثقه الشارع التركي وعلي خلفيه أربكان جاء خليفته رجب طيب أردوغان وعبد الله جول من خلال حزب العدالة والتنمية الذي فاز في انتخابات 2002 وشكل الحكومة بحصوله علي الأغلبية في البرلمان.
ومع حدوث الثورات في الربيع العربي بدأت تركيا تظهر كظهير لكل الأنظمه التي تدعو الي الخلافه الإسلاميه لإسترجاع سطوتها مره اخري وإن كان هذا الرجوع بطريق غير مباشر من خلال تخليها عن تحالفتها مع الأنظمة البائدة وتأييدها للحشود الشعبيه التي نزلت إلي الميادين في تلك الدول وقد سعت تركيا بعد سقوط تلك الحكومات الي تأييد صعود التيارات الإسلامية وخاصة في مصر وتونس ليكونوا الركيزه الأولي لانطلاق الخلافة الإسلامية.
ففي مصر علي سبيل المثال بعد ثوره 25 يناير بدأت التيارات الاسلامية في الظهور من خلال تكون حزبين هما حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي وبدأ الدعم الواضح لمصر باعتبارها ظهير إستراتيجي قوي داخل المنطقة وقد تبلور ذلك من خلال عدد من المحاور منها المحور الاقتصادي والأمني وزيارات اردوغان لمصر.
أما بالنسبه للموقف التركي من القضية الليبية والتونسية فلم تختلف كثيرا عن مصر فقد قدمت تركيا إبان الثوره التونسية مساعدات مالية قدرت بنصف مليار دولار يجري سدادة على فترة عشر سنوات وبفائدة ضعيفة وبالنسبة للقضية الليبية لم يكن الموقف واضح حيث خافت تركيا علي مصالحها فالموقف الليبي كان مختلف عن الموقف المصري حيث كانت هناك دول أجنبية تدعو إلى التدخل العسكري في ليبيا وكانت تركيا بين شقي الرحي بين أن توافق علي التدخل العسكري لإنهاء الأزمة الليبية وبين الوقوف وراء الشعب اللبيبي وتأييد حقه في الحصول علي حريته ورغم ذلك فقد اتخذ الجانب التركي موقف محدد ظهر من خلال إجتماعات الناتو حيث ظهرت خلافات كبيرة بين تركيا وفرنسا والمنافسة بينهم حيال دول الربيع العربي ومد النفوذ في القارة الأفريقية.
وفي تصريحات سابقة لوزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في 24 نوفمبر 2010، ففي لهجة ساد فيها التحدي قال: "لقد أعطيت أوامري للخارجية التركية بأن يجد ساركوزي كلما رفع رأسه في أفريقيا سفارة عليها العلم التركي" وهذا الخلاف بين القوي الفرنسيه والتركيه أدي إلي تحسن العلاقه بين تركيا والمجلس الانتقالي الليبي فيما بعد.
أما في الموقف من الثورة السورية ظهرت تركيا بمظهر أنها لا تريد أن تتدخل في الشأن السوري ولكن مع تزايد حدة الصراع بدأ الموقف التركي يتضح وخاصة مع الخوف من تصدير تلك الأزمه إلي تركيا من خلال الأجئين ولذلك سعت تركيا لفرض عقوبات علي سوريا.
مواقف تركيا حيال جميع الثورات العربية كانت تحكمها فكرة التواجد علي الساحة السياسية من خلال القوه الدبلوماسية وتوطيد الفكر الإسلامي وبناء الخلافة العثمانية من جديد إلا أن آليات تنفيذ وإرساء هذا النظام في البلاد العربية وخاصة مصر أتت بما لا يشتهي أردوغان فآليات التطبيق الخاطئة دفعت النظام في مصر الي الإنهيار مع قيام موجه ثورية ثانية ولم تكن مصر التي إنهار بها النظام فقط بل بدأ التصدع يظهر في النظام التركي بذاته لتلوح فضيحه الفساد في الأفق ويتورط فيها نجل اردوغان ويثور الشارع التركي ضده مطالبا برحيل الحكومه ليتعامل هو مع هذه المطالب بطريقه قمعية ليحافظ علي الخلافة الاسلامية.
وبات واضحا أن حلم الخلافة ينهار بسبب الفساد تارة وبسبب المنطق الهش تارة أخري وبين هذا وذاك الوحيد الذي يدفع الثمن هو شعوب تلك البلاد.
ساحة النقاش