كتب_ أنس رخا
كشف تقرير مؤشر مدركات الفساد لعام 2013 والذي تصدره منظمة الشفافية الدولية في هذا التوقيت من كلّ عام، عن ترتيب ثماني دول من دول العالم الإسلامي ضمن الدول العشر الأكثر فسادا في العالم، حيث احتلت الصومال وأفغانستان والسودان وليبيا والعراق وأوزباكستان وتركمستان وسوريا بين الدول العشر الأكثر فسادا في العالم علي التوالي، كما تبعتهم اليمن في المرتبة الحادية عشر وذلك من بين 176 دولة شملهم هذا التقرير منهم حوالي 50 دولة مسلمة.
وعن الدول الاسلامية التي احتلت مراكز متقدمة، جاءت الامارات العربية المتحدة في المركز (26) تبعتها قطر في المركز (28)، بينما في المواقع الوسيطة من اللائحة تظهر تركيا (50) وماليزيا (53)، البحرين (48)، عُمان (61)، السعودية(63)، الأردن (66)، تونس (77)،؛ أمّا في المواقع السفلى، فإنّ اللائحة تشير إلى مصر114))، لبنان (127)، إيران (144).
ومن اللافت للنظر أنّ إسرائيل (واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط طبقاً للخطاب الغربي الشائع) جاءت في المرتبة 36، بـ 61 درجة؛ وسبقتها دولتان اسلاميتنان فقط، هما الإمارات العربية المتحدة وقطر.
وجدير بالذكر أن هذا المؤشر يقيّم الدول ويرتبها وفقاً لدرجة وجود الفساد بين المسؤولين والسياسيين فيها بناءً على إدراك رجال الأعمال والمحللين من جميع أنحاء العالم بما في ذلك المتخصصين والخبراء من نفس الدولة التي يتم تقييمها، ويركز المؤشر بشكل أساسي على الفساد في القطاع العام.
ومن الملاحظ أنه في الدول التي وقع فيها تغيير كبير مازالت تسعى جاهدة لوضع أنظمة حكم جديدة. هذا يتضح من هذه الأرقام. لكن لم يتحول الأمل بعد إلى حقيقة في صورة برامج أكثر جدية لمكافحة الفساد.
وفي هذا السياق، يخصّ التقرير بلدان المنطقة العربية بإشارة خاصة من دون أن يُسمّيها، فيذكر أن هناك "صرخة متصاعدة ضدّ الحكومات الفاسدة أجبرت عدّة قادة على ترك مناصبهم في العامين الماضين”، في إشارة إلى الانتفاضات التي شهدها العالم العربي ضدّ الأنظمة الدكتاتورية. لكنه يُشدّد على أنّه “مع انقشاع الغبار يظهر جلياً أنّ مستويات الرشوة واستغلال السلطة والصفقات السرية، لا تزال مرتفعة في الكثير من البلدان".
وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلي أن منظمة الشفافية الدولية لا ترصد الفساد الأكبر فى الدول وإنما ترصد فسادا صغيرا وهو الفساد المتعلق بأداء أعمال القطاع الخاص، وهل يقوم رجال الأعمال بدفع رشاوى لبعض الجهات الحكومية مقابل البدء فى المشروعات أم لا، لكن أهمية هذا المؤشر تكمن فى أن الاستثمارات العربية والأجنبية ترصد هذه المؤشرات قبل ضخ الأموال فى الدول التى يتم قياس مؤشر الفساد بها.
لا شك أنه لا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات من الفساد، لكن الحزن يزداد عندما نجد أن ثلث الفساد المالي في العالم مركزه الوطن العربي، وأن نصفه في العالم الإسلامي. كيف يكون ذلك وقد كنا - كما وصفنا ربنا سبحانه وتعالى - خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله؟ كيف يكون ذلك وقد بُعث نبينا صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق؟ كيف يكون ذلك وقد كان الفساد المالي من أول المظاهر السلبية التي عالجها الإسلام حين نهى عن الغش والاستغلال والسرقة والرشوة والربا وغير ذلك من المعاملات الفاسدة؟!
لكن في النهاية يعتبر تقرير منظمة الشفافية الدولية بمثابة صيحة تحذير للعالم الاسلامي بأنه مازال هناك فجوة متسعة بين تعاليم الاسلام كما أنزلت وبين تطبيقها علي أرض الواقع مما يبرز بجلاء مدي الانفصامية التي يعانيها أبناء المسلمين اليوم. والله الهادي إلي سواء السبيل.
ساحة النقاش