كتبت_ بسمة توفيق

أُغلِق الباب ساعات طويلة ولم يأبه أحد بالقابع داخل غرفة تحميض الصور في استديو (فرح) الفوتوغرافي وقد انهمك في تحميض صورة تلو الأخرى بحرفية شديدة وإتقان عالِ حتى بدأت ملامح تلك الصورة تتضح بين يديه ، إنها عائلته في حفل زفاف أخته التوأم (فرح ) هاهو أبوه العجوز الذي عاد من إحدى بلاد النفط ناكراً له ولأخته العروس بعدما تركهما رضيعين منذ قرابة الثلاثين عاماً تحول فيهم كل شئ الوطن والأخوة وحتى والدته التي اصفر شعرها مصبوغاً مع الانفتاح واحتجب مع نهاية منتصف التسعينيات وجرب النقاب مع نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة ثم ثار عليه فبقى الحجاب يخفي الشعر المخضب بالحناء حمراء اللون  والعقل الحاذق الذي حكم المنزل ثلاثين عاماً بالتزكية دون انتخابات وبمباعيات كاذبة من المستفيدين وعلى رأسهم أخته الكبرى التي تقف في الصورة متشبثة بذراع زوجها رجل العائلة ومدير الأعمال الكاسب لثقة الجميع وكيف لا وهو السلطة التي تزوجت رأس المال هذا الجاهل عضو في مجلس النواب يدير أملاكه وأملاك حماته معاً قمة في الجشع لا يعنيه كيف ينمي ثروته بل ينميها بكل الطرق ويقوي شبكة نفوذه كذلك بشتى الطرق وزوجته لا يهمها سوى أطنان المساحيق التي تغطي شعرها ووجهها وعقلها وزوجها أيضاً والتي لا يرضى عنها الاخ الأوسط الذي لم تعد الابتسامة تعرف طريق وجهه فوقف في الصورة عابساً كما بقي عابساً منذ ضياع حلمه في دخول الكلية التي أراد بأوامر من الأم وتواطؤ من العائلة التي نذرته لادارة أملاكها وعدم استكمال تعليمه ليبقى حلمه الضائع مسيطراً عليه يجره للوراء جراً ويسرق ابتسامته طوعاً وكرهاً ويجعله رمزاً لكراهية وأنانية بلا حدود ليتحول من مظلوم لظالم ويفقد تعاطف طالما لازمه  ......أما التوأم فالولد هو (الناجي) وهكذا أسماه جده وكان الاسم على مسمى فقد نجا بابتسامته الحقيقية لتضئ الصورة ونجا بفن الصورة من أمه التي أرادت اقناع أبيه ببيع الاستديو الخاص به لأنه لم يعد ذا جدوى  فأبى هو وأخذه لزهد الجميع فيه فعاش مصوراً يصدق عين كاميراه أكثر من عينيه ويحس عن طريقها بكل شئ فقد صور بها بيتهم القديم قبل أن يتركوه إلى الفيلا متعددة الطوابق التي تخنقه وصور أمه المستبدة العادلة والتقط لحنانها وأمومتها صوراً نسيها الزمن وصور أبيه الذي عاد لوطنه كهلاً مريضاً اعترف له أنه تزوج حيث  كان وأن لديه بنيناً وبنات في عمر الورد عندها ضحك كما لم يضحك من قبل ضحك من سخرية القدر من والدته التي نسيت أنها زوجة واطمأنت لوجود أبي فقط كأداة لجلب المال الذي خالت انه يعمر البيوت ويبني الاولاد ، ومع الوقت نسيت أن الأولاد كبروا وغدا لكل منهم حياته التي يختار لا التي تختار وصدمتها ثورة فرح العروس الصغيرة بطلة الصورة فتشبثت بحلمها في الارتباط بشاب فقير صار هو الاخر بطلاً للصورة بابتسامة وقور منمقة ربما تعلمها من عمله كمهندس ديكور ...........مممممممممم ما هذا الصوت ؟ صوت أمي خرج (الناجي) من الاستديو تاركاً وراءه كل شئ حتى الباب لتدخل الاضاءة الى الغرفة حيث كان لتعبث بالصورة كيفما تشاء !

وخرج يستطلع ماذا يجري في الخارج حيث كان صراخ والدته يقترب ويقترب ............

 

(يُتبَع)

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1060 مشاهدة
نشرت فى 22 نوفمبر 2013 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,119,869

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟