كتب_ عادل نبهان

فى كثير من الأوقات وخاصة تلك التى تزداد بها حدة الأحداث مع عواصف الدم المسال على أسفلت الوطن والذى لم يعد وطن ، أجد شريطاً من الأحداث المتتابعة تعيد نفسها أمامى وفى بعض الأوقات يدفعنى ذلك لمراجعة المواقف والاحاديث وما كان صحيحاً وماكان خطأ مقارنة بما أفضى إليه كل موقف من نتيجة ، وانتهاء بالوضع الحالى الذى انقلبت فيه الآية عما كانت عليه وذاق الشامتون ويلات ماكانوا يشمتون به وظهر أمامنا شامتون جدد أمام مجرمين عدة ، ويبقى الوضع وكذلك الأزمة رهائن اللحظة وتبقى الآمال العريضة التى كانت تراد من الثورة قيد التوقف.

ولكن فى انقلاب السحر على الساحر ، هل فعلاً أضحت الثورية هى شيمة الجماعة وأنصارها وبالتحديد أنصارها من ذات التيار اليمينى الذى تتبعه وهل مايحدث من باقى القلة القليلة التى مازالت تجابه قوة الدولة العسكرية وأركانها المدنية الهيئة والتى لم تدخل فى دائرة حاملى الصاجات للمؤسسة العسكرية هو النهج الإصلاحى ؟ هل فعلا القوى الثورية التى تطالب باسقاط حكم العسكريين عن الدولة المصرية والعدالة الانتقالية ابتداءاً من محاكمة مبارك ولاحقيه وكذلك الحرية المتماشية مع مجتمع فاض به الكيل- هل أضحت إصلاحية على غرار ماكانت وماتزال عليه تلك الجماعة المنكوبة ؟

وباستعراض الشريط، نجد أن طبيعة الجماعة المأسوف على عمرها تتميز بالإصلاحية والمداهنة مع الأنظمة السياسية المتعاقبة على الرغم من الاعتقالات والجرائم التى تحدث بحق أعضائها ومؤيديها، وعقب الثورة وتسارعها إلى جنى الثمار قبل آوانها ظهرت الطبيعة الاصلاحية لسلوك الجماعة من خلال قرارات قياداتها وبالمهادنة مع المجلس العسكرى الذى كان حاكماً لعام ونصف عقب ثورة يناير، وكانت مواقفها فى كل حدث من الاحداث تكشف عن ذلك ابتداءاً برفض البداية من خلال دستور جديد مروراً برفض القوانين الثورية فى اعادة هيكلة الشرطة والعدالة الانتقالية حينما كانت لها الغلبة فى البرلمان المنحل بذات القانون الذى كانت قد وافقت عليه والأحداث الكثيرة فى محمد محمود ومجلس الوزراء وقبول تولى حكومة طويل العمر الدكتور الجنزورى وفى دستورها لعام 2012 وقبول ترسيم الوصاية العسكرية كتابياً من خلال المحاكمات العسكرية للمدنيين وعدم وضع ميزانية القوات المسلحة تحت الرقابة وغيرها وانتهاءاً بوصولها للرئاسة فى شخص مندوبها الدكتور مرسى ومابدأه من قلادات لمتهمين أساسيين فى دماء طاهرة ضاعت تحت حكمهم فى العام ونصف وكذلك الاتيان بوزيرى داخلية لهما من السوابق مالهما وكذلك الصفقات الاقتصادية مع رجال الحزب الوطنى الأصدقاء لبعض قيادات الجماعة وغيرها.

ولكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر وكان فى أغلب اسبابه لغباء الجماعة وانتهازيتها وفرديتها التى لن تجدى مع مؤسسات عميقة ونخب فاسدة مالياً وسياسياً بحجم الموجودة على أرض المحروسة بالاضافة لتحالف تلك المؤسسات والنخب "التى كان بعضها يحسب على التيارات الثورية" ضد غباء الجماعة.

وتكررت مآسى العام والنصف فى 3 أشهر ذاقت فيه الجماعة المآسى وتألم فيه الوطن لما فقده من دماء ذكية وانتهى بها الحال بمطالب اسقاط حكم العسكر بعدما كانوا يصفونه بالأمير وأنه يضر بصحة البلاد ويسبب الانهيار، ويمكن نظرياً القول أن هذا المطلب من أهم المطالب المرجوة من الثورة لأنه تدريجياً سيرفع القيود المكبلة للحرية والقدرة على تحقيق العدالة الحقيقية، وبالتالى نظرياً يمكن القول أن الجماعة اندرجت مطالبها الحالية ضمن المطالب الثورية "وان كانت فعلياً هى جماعة غير ثورية وسلطوية الفكر والقرارات والتنظيم والممارسة – على الأقل الجيل الحالى من مكتب الإرشاد " وتحاول الجماعة إظهار تلك المطالب من خلال المظاهرات التى تقوم بها وكذلك المطالبات المختلفة لها ولكن بلاجدوى.

أما الفريق الذى مازال لم يرتمى فى أحضان العسكريين حتى الآن – وهو قليل نسبياً – فمازال يطالب باسقاط حكم العسكر ومازال يطالب بالعدالة الانتقالية قد سلك مسلكاً آخر غير ماكان يفعله سابقاً فهو يطلب من الجماعة باعتباره من المتعاطفين معها انسانيا أن تنصرف عن نوعية تلك التظاهرات وتتعامل سياسياً مثلما كانت تفعل زمن المجلس العسكرى وزمن محمد مرسى بمطالبات إحضار الغلبة والدخول فى الانتخابات وتعديل الدستور.

وهذا الفريق الذى استمر فى مطالبات اسقاط حكم العسكر وتطهير الداخلية عقب خروج مبارك من الحكم ومنذ مظاهرات 27 مايو 2011 واعتصام يوليو ومحمد محمود ومجلس الوزراء ويناير 2012 وفبراير2012 ومطالب العدالة الانتقالية منذ تلك التوقيتات وحتى فى وجود مندوب الجماعة فى الرئاسة وعقب إعلانه الفاشل فى نوفمبر 2012 والذى خلط فيه السم بالعسل بالإضافة لأحداث الاتحادية واعتصامها الذى فض بفعل غوغائية الجماعة ومؤيديها آنذاك ، كل المطالبات والتظاهرات استمرت مع 30 يونيو وتوقفت عقب انقلاب 3 يوليو واتجه البعض إلى مغادرة البلاد والبعض انضم لمظاهرات الجماعة وحلفائها وتبقى البعض القليل والمقصود به الفريق الثانى هنا ، ولكن النمط اختلف فهؤلاء الذين هتفوا فى تظاهراتهم العديدة لم يعودوا لما اعتادوا عليه ولكن انتهجوا سلوك الجماعة السابق فى الحوار مع العسكر والمشاركة فى تعديل دستور 2012 والثبات على آرائهم برفض مارفضوه فى دستور الجماعة من الوصاية العسكرية وان كان الوضع اختلف على الأرض عقب 3 يوليو وأضحت القوة فى صالح العسكريين بصفة أكبر ولكن المطالبات انتقلت من صيغة التظاهرات " وان كانت لم تنقطع " إلى صيغة الحوارات وبالتالى يطرح تساؤل بأنهم إصلاحيين غير ثوريين ... فهل بالفعل أضحى الإصلاحى ثورى والثورى إصلاحى وتبدلت الأدوار؟..... هذا مايستكمل فى المقالين التاليين.....

shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 780 مشاهدة
نشرت فى 27 أكتوبر 2013 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,030,559

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟