"الرئيس الإسلامى محمد مرسى يزعم أن المعارضة هى نخبة معادية للمشروع الإسلامى، لكن حقيقة الأمر أن سياساته الاقتصادية التى لا تختلف عن سياسات الرئيس المخلوع حسنى مبارك، والتى كانت سبباً فى قيام الثورة ضده، هى ما تجعله يخسر تأييد الشعب له"، هذا ما تؤكده صحيفة «الجارديان» البريطانية فى تحليل لها نشرته أمس.
وتقول «الجارديان» إن الإخوان المسلمين وحلفاءهم يحاولون تغليف الأزمة السياسية الحالية بصبغة دينية، وتصوير المعارضين لدستورهم الذى اندفعوا فى عجلة من أمرهم لصياغته، على أنهم مجرد نزق من نخبة ليبرالية معادية للإسلاميين.
وفى تحليلها الذى كتبته "راشيل شابى"، تقول الجارديان إن «عديدًا من المحللين فندوا هذه الفكرة، بوضعهم الرئيس المدعوم من الإخوان محمد مرسى الذى يملك المباركة المزعومة من الشعب المتدّين فى زاوية. وفى الزاوية الأخرى المعارضة العلمانية التى تثير ضجة بسبب تفاصيل صغيرة لدستور ليس سيئاً». وعقّبت أن مثل هذا التحليل المغلوط دفع الخبير فى الشؤون المصرية فى معهد بروكينجز، الدكتور إيتش إيه هيلير إلى أن يقول بشكل مهذب للإعلام الغربى «كفى»!
وتابعت أن نتيجة الجولة الأولى من الاستفتاء فضحت بعضا من المعضلات الحقيقية. أولا أن الاستفتاء تم تقسيمه على مرحلتين لأن عددا قليلا جدا من القضاة هم من وافقوا على الإشراف عليه. ورغم كل قوة الإخوان الخرافية على الحشد، فالأصوات التى أيدت الإخوان لم تتجاوز 57%. وأقل من ثلث الناخبين شارك فى الاستفتاء، رغم أنه ربما يكون ذلك عائدا فى جانب من الأمر إلى الطوابير الطويلة وصعوبات عملية التصويت. وفى مناخ من عدم الثقة وسوء الإدارة، فإن الادعاءات عن عمليات تزوير شائعة.
وتضيف «الجارديان» أنه إذا كان المصريون، حسب ما تشير النتائج يفقدون الثقة فى الإخوان، فإن ذلك ليس لأن الجماعة «إسلامية»، بل بسبب «أساليبها القذرة فى الحكم»، فالكثيرون يعتقدون أن الجماعة حافظت على التزامها بالسلطة، لا تجاه الشعب. بل إن السياسات الاقتصادية لمرسى تعتمد على نفس السياسات النيو ليبرالية التى تسببت فى كثير جدا من البؤس فى عهد مبارك، وكانت من بين المكونات الأساسية للثورة ضده.
وقالت إن كل ما يتعلق بالاقتصاد الآن فى مصر يعود إلى سياسات مرسى، كجزء من الدستور المقترح الذى كتبته لجنة يتحكم فيها الإسلاميون فى يوم ماراثونى، بعد أن انسحب أعضاؤها من الليبراليين والنساء والمسيحيين. .
وفى نفس الوقت فإن قرض الـ4.8 مليار دولار الذى تتفاوض حكومة مرسى عليه الآن مشروط بما يوصف بأنه أكبر موجة من التقشف منذ العام 1977، بينما عرف حينها بانتفاضة الخبز. واليوم -تقول «الجارديان»- تخطط حكومة مرسى لتقليل الإنفاق الحكومى، وخفض الدعم وزياة الضرائب على السلع الأساسية، وخفض قيمة الجنيه المصرى. وتلفت إلى أن هذه الحزمة من الإجراءات التقشفية تم تأجيلها فقط بسبب الاضطرابات الحالية.
ومن ناحية أخرى -تضيف «الجارديان»- إن الدستور المقترح يكشف كثيرًا عن سياسات الإخوان الاقتصادية المتشددة، فهو يتضمن مادة تربط الأجور بالإنتاج. ويشترط للسماح بالإضرابات أن تكون «سلمية». وهو لا يمس مصالح الجيش ولا يخضعه لرقابة الشعب، فى بلد يعتقد بأن الجيش يملك من 10- 45% من الاقتصاد الوطنى، ناهيك عن أن أحدا لا يعرف الرقم على وجه الدقة لأنه سرى للغاية.
ومن كل الشواهد -تقول الصحيفة العريقة- إن مرسى لا يحاول كما يزعم أن «يحمى الثورة» بل إنه يريد أن يحمى مصالح نخبة متخندقة على حساب أى شىء آخر. وواقع الأمر أن تقرير لوكالة «بلومبرج» هذا العام وصف العصبة الحاكمة فى الجماعة بأنهم «إخوان الـ 1%
وتلفت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن هذه السياسات الاقتصادية تفقد مرسى الشعبية فى الشارع، فإنها بالضبط ما تجعله مقبولاً لدى الغرب، فهى مزيج من السياسات الاقتصادية التى تخدم السلطة مع سياسة خارجية لا تهز النظام الإقليمى القائم وخصوصا مع إسرائيل.
والولايات المتحدة تعتمد على فكرة أن مصداقية الإخوان الدينية سوف تمرر سياساتها الرجعية، ومن ثم الحفاظ على الوضع الحالى. ومن هذا المنطلق فإن الإدارة الأمريكية ليست مهتمة فعلا بما إذا كان مبارك أو مرسى هو الذى يحكم، طالما أن هذه المصالح يتم الحفاظ عليها.
ساحة النقاش