كتبت :إيمان زهران
على الرغم من مرور ما يقارب من 4 سنوات وأكثر على أحداث الربيع العربى بمختلف الدول العربية ؛ ولكن حتى الأن لأزال المحللين والمنظريين يتلمسون سبل التكيف مع الاوضاع السياسية والأقتصادية فى أغلب دول المنطقة العربية . وأبح التساؤل الأهم لدى الإقتصاديين بالأخص " هل سيتم التحول من أقتصاديات السوق الحر إلى مزيد من الأدوار للدولة على المستوى الإقتصادى فى المنطقة العربية ؟
المتابع للأحداث الداخلية لدول الربيع العربى يجد أن العديد منهم يسعى لتعزيز فكرة تصاعد دور الدولة الاقتصادى فى العالم العربى لعدد من الأسباب بعضها يهدف إلى تعزيز الإقتصاد الوطنى والدفع بالتنمية المحلية ؛ أخر يتعلق بالتغيرات الإقتصادية العالمية ؛ خاصة بعد الأزمة المالية 2007 وتعزيز الأفكار القائلة بأن الإقتصاد العالمى يسير وفقا لمنظوريين أحداهما يعزز من دور الدولة فى المجال الاقتصادى والأخر يتعلق بعمل الاقتصاد وفقا لاليات السوق ذات النمط الشائع بما يعرف بالأيدى الخفية والذى عرف إصطلاحا بعبارة " دعة يعمل دعة يمر " .
الدولة المصرية حاليا تسعى لهيكلة الاقتصاد العام بناءا على التحديات خاصة مع تشكيل حكومة جديدة " حكومة ابراهيم محلب" والتى يمثل أمامها الملف الإقتصادى من أبرز الأولويات المطروحة أمام الحكومة الجديدة ؛ خاصة فى ظل الإحتجاجات الفئوية فى أغلب القطاعات الحيوية بالدولة كالنقل العام والشهر العقارى وهيئة البريد ومصانع الغزل والنسيج ؛ وكذلك فى القطاع الطبى بالدولة .
الأداء الإقتصادى عامة فى حالة فشل تام على مدار الأربع سنوات المتتالية بعد الأحداث الثورية عامة خاصة فى بحث الآليات المتبعة لترجمة الأطروحات الخاصة بقضية العدالة الإجتماعية والتى تمثل من أهم وأول المطالب الثورية وبثها كبرامج عمل حقيقية ولكن يعوقة ضعف الموارد المالية ؛ وتفاقم الدين العام الداخلى والخارجى ؛ إضافة إلى أن دعم الطاقه وصل إلى مستويات قياسية بلغت ما يقرب من 128 مليار جنية سنويا . مما يتجاوز قدرات الاقتصاد المصرى على تلبية المطالب الفئوية التى تحتاج إلى رؤية استراتيجية من خلال وضع اقتصادية تستند إلى شراكة حقيقية بين الدول ومؤسسات المجتمع المدنى والقطاع الخاص وتشجيعهم للعمل وتبنى منظومة الإستثمار خاصة وأن مصر مقبلة على تنفيذ عدد كبير من المشروعات القومية التنموية الكبرى الجاذبة للاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية كمشروع تنمية محور قناة السويس ؛ ومشروع تنمية قطاع البتروكيماويات .
على المستوى الخارجى ؛ هناك العديد من المفاوضات الإقتصادية فيما يتعلق بملفات التجارة الحرة مع روسيا ودول تكتل الميركوسور بهدف فتح أسواق الاتحاد الروسى وأسواق أمريكا الجنوبية أمام الصادرات المصرية .
هناك العديد من الجدليات المحورية فيما يتعلق بالإيدولوجيات الإقتصادية المختلفة؛ خاصة الليبرالية والإشتراكية والتى يعول عليهما تباعا بفساد التطبيق النظرى مقارنة بالواقع العملى عند تحليل أسباب الثورات خاصة فى المنطقة العربى والتى أغلبها تشكلت وفقا لمنحنى اقتصادى.
المتابع لحالة الربيع العربى يجد أن الثورات والإحتجاجات أُسهم فى إبرازها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التى شهدتها تلك الدول خاصة من ارتفاع نسب البطالة ؛ وتدهور المستويات المعيشة لشرائح عديدة من السكان ؛ليس فقط فى مصر وتونس أولى البلدان العربية فى ثورات الربيع العربى ؛ ولكن كذلك عدد من الدول الخليجية والتى وفقا للعديد من التقديرات الدولية والتى سجلت بها نسب البطالة خلال عام 2010 ا تقرب معدلاتها من 12% في المملكة العربية السعودية، وترتفع إلي 12.8% في الجزائر، و 15% في البحرين، وتصل إلي أكثر من 25% في ليبيا. ومع الوضع في الاعتبار ارتفاع مستوي التعليم.
الإقتصاد فى بلدان ما بعد الثورات دائما ما يظهر عند الحاجة لإعادة هيكلتها تباعا لحدوث العديد من الأزمات المتلاحقة ؛ فبالنظر للحالة المصرية نجد أنها فى أثناء المرحلة الإنتقالية عقب 25 يناير وكذلك بعد 30 يونيو تسعى إلى تغير آليات السوق، ولكن في ظل ضبط جديد للأوضاع بالوقوف علي يد الدولة للتحجيم من الفساد، وتوفير آليات شفافة وعادلة تحفز علي المنافسة وتجرم وتحارب الاحتكار، وفي ظل تطبيق معايير تحقق المزيد من العدالة الاجتماعية.
كذلك ما يتعلق بتطبيق الحد الأدني للأجور بما يتناسب مع مستويات الأسعار السائدة، وكذلك الدفع بسياسات ضريبية تصاعدية علي دخول الشرائح الأغني من السكان بما يتيح إنفاقا أكثر للداخل والوارد .
وفقا لذلك ؛ هناك إتاحة لتقديم خدمات عامة أفضل في قطاعات مثل الصحة والتعليم. وفي كل هذا، لن نكون بالضرورة قد انتقلنا إلي دائرة الاقتصاد الموجه، ولكننا علي الأقل سنكون في دائرة اقتصاد يستند إلي آليات السوق، ولكن مع دور أكبر للدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية، سواء عبر توزيع الدخل بصورة أكثر عدالة، أو عبر إعادة توزيع الدخل بزيادة الإنفاق العام، وتأكيد توافر معيار الجودة في الخدمات العامة، خاصة تلك التي تقدم للفئات الفقيرة من المواطنين وهو ما يعرف أيدولوجيا بسياسات الليبرالية الإجتماعية .
الدولة - أى ان كان المسمى الخاص بها -عقب حالة الحراك الثورى والاحتجاجات التى مرت بيها عليها أن تعيد هيكلة الداخل بما يتوافق مع المحيط ويستوعب مجريات الحدث داخليا إستنادا للمطروح سياسيا واقتصاديا وحقوقيا . فلا يوجد نظام إقتصادى أمثل ولا سياسات إقتصادية موحدة ومعممه ؛ ولكن هناك ما يعرف بأن تطبيق نظام معين فى ظل ظروف آخرى توافقوا سويا على نتائجة الإيجابية إستنادا إلى الاستراتيجيات والرؤى الخاص برئيس الدولة . وهو ما نطمح أن يطبق جديا فى أثناء إعادة البناء الداخلى للدولة المصرية .
ساحة النقاش