كتبت_ إيمان زهران
الثقافة هى العامل الراجح الذي تنظم به المجتمعات سلوكها الاجتماعي ، وهى من الأنماط أو النماذج المعيارية بمحاورها المعرفية، والاتجاهات، والقيم والسلوك. ويحدث التغير الثقافي عندما ينال أي من هذه المحاور تغير بشكل أو بأخر.
بالمقابل فإن حياة الشعوب والأمم تمثل بعض المحطات التي تقف عندها لتتحول من حالة إلى حالة أخرى جديدة تحاول محو الماضي سواء السياسي او الاقتصادى او الاجتماعى الثقافى واستبداله بآخر جديد، سواء بالطرق السلمية أم عن طريق العنف المسلح، تلك المحطات هى باختصار ما نسميه الثورة.
الثورة ؛ من المصطلحات الإجتماعية والتى يتعذر تعريفها بشكل جامع ؛ فتتعدد التعريفات والتى تخلص فى مجملها الى " حركة شعبية واسعة ذات توجه سياسي منظم تعبر عن الرغبة العامة لجموع أفراد الشعب وتهدف إلى تغيير النظام السياسي القائم جذرياً وإقامة نظام سياسي جديد يعبر عن الإرادة الشعبية لجموع أفراد الشعب الذين يمثلون القوة الحقيقية للثورة " فالأساس الحاكم فى تقييم معيارية الثورة تغيير مفاجئ ووصولا إلى جدلية شرعية الثورة مقرونة بسمات الحركة والتطوير والنمو.
فى حين ؛ التغير الثقافى يعرف اكاديميا بأنه أما تغيرا موجها او غير موجه استنادا الى النمط الثورى القائم خاصة السياسي او الفكر التحولى سواء الاقتصادى او الاجتماعى وما يقترن به من تطبيقات العولمة ، وكذلك فى فترة تكوين المجتمعات حينما تتاح الفرصة للتعبير الحر عن التوجهات االفردية .
الثورة تعد أهم عوامل التغير الثقافي؛ هذا إلى جانب عوامل أخرى "كالعوامل البيئية والسكانية والحروب والتغيرات التكنولوجية وغيرها من العوامل الاقتصادية والسياسية والفلسفية والفكرية والاتصال والاحتكاك الثقافي . فالثورة تعبر عن رأي رجل الشارع بمختلف توجهاتة وما ينبثق عنه من نظم جديدة مما يدعم تبديل النظرة للحياة في ذاتها وهى خطوة للتغير الثقافي.
يعتقد أن درجة أو معدل التغير الثقافي تزيد إذا كانت الثورة في النسق العام تتسم بالمعرفية واسس التغير فى ذاتها اى النسق الحكومى ؛أو إذا كانت من الشعب أي "جماهيرية"، بينما يكون معدل التغير الثقافي أقل في حالة ما إذا كان القائم على الثورة قلة محكمة التنظيم، غالباً ما تكون عسكرية.
التغير الثقافى لا يمثل نقلة لحظية بمجرد اندلاع ثورة ما او ظهور بوادر تحرك اجتماعى؛ ولكن هناك عدد من المراحل المشروطة لإستكمال متطلبات التغير والتى اتفق على ادراجها عدد من الاكاديمين من خلال خمس مراحل تبدأ أولها بإدراك الإتجاة الجديد ؛ ثم الإهتمام ؛ يلية التقييم والمقارنة بين ما كان وما كائن وما سوف يكون ؛ وصولا إلى مرحلة التجريب ومحاولة الاستفادة ؛ ثم الأقتناع بالفكرة وإدمجها كجزء من منظومة الفرد الثقافية .
إستنادا الى متغير الثقافة ومراحل تبلورة وإسقاطا على الثورتان المصريتان "25 يناير " و " 30 يونيو" ؛ نجد أنه من الصعب الحكم على ما يمكن أن تفضي إليه اى منهم ، وهو ما يُوجد بعض التحديات ، بما يحدد مستقبل الثقافة خاصة السياسية منها في مصر، فكثرة وتنوع المشاركين في الثورتان خاصة الأولى منها يعتبر نقطة قوة ونقطة ضعف في الوقت ذاته، فهذا التباين في ظل غياب التنظيم فيما بين هذه المجموعات سيؤدي لنوع من التناقض والخلاف، وغياب القدرة على العمل المشترك؛ خاصة ما بين من يدعون انهم لقيادات التنظيمية للثورة يجعل من الصعب على الرئيس الموقت وبعد إنتهاء فترة الحكم الانتقالي على الحكومة التفاوض لتعدد الأطراف والقوى التي يتم التفاوض معها فلا وجود لقيادة موحدة للتحدث.
كما تحتاج القيم التي أعادت صحوتها الثورة "إلى وقت حتى تنمو وتتجذر في وجدان المصريين"، كل هذا يعني أن "الثورة – مجازا - قد بدأت في تطوير إرهاصات ثقافة سياسية ملائمة للديمقراطية خاصة مع انهيار منظومة الهيراركية الرئاسية واسطورة النهب المنظم بإرادة شعبية ، وهو ما ظهر فى نتائج الثورة الأولى من انتخابات حرة ونزيهه ؛ وصياغة دستور " اتحفظ علية فى كتير من موادة ولجنة صياغتة " بينما حماية الحريات وترسيخ الحقوق والمبادئ فكانت تشوبها الأقاويل خاصة فى اثناء فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسى وما نتج عنه من تجاوزات شملت التدخل السافر من جماعتة فى إدارة شئون البلاد ؛ وهو ما عظم لمرحلة ثورية أخرى قدمت مطالب تسهم في إيجاد نظام سياسي ديمقراطي في مصر ؛ فى توجه ثقافى متغير فى عدد من اتجاهاته إبرزها العودة إلى الهيكلة المدنية .
لكن فى كافة الأحوال لا يمكن التعويل فى ظل تلك المرحلة الضبابية من المشهد السياسى والإجتماعى والاقتصادى على ان هناك إتجاة نحو بلورة " منحنى ثقافى " يخضع لمرحلة التغير ؛ دون قياس مؤشرات الأداء والنتائج كاملة ومدى التقبل والتطبيق الفعلى وهو ما يحتاج الى مزيد من الوقت والإنجاز والحيادية والشفافية
ساحة النقاش