كتبت ـ علا علي فهمي :
البيض هو أهم وأشهر مظاهر الاحتفال "بشم النسيم" في مصر، ليقوم الصغار والكبار بتفريغ البيض وتلوين قشرته والرسم والنقش عليها، ووضعها داخل سلال من الخوص الملون، مع وضع الزهور والوريدات الصغيرة والشرائط الملونة والزينة، لنشعر حينها بأن بيض العالم كله بيتكلم مصري .
ويتشارك العالم كله في تلوين البيض في هذا اليوم .. مع اختلاف بعض المظاهر الأخرى .. ففي مصر يقترن أكل "الفسيخ والرنجة" مع الخس والبصل بشم النسيم.. وتعود هذه المراسم إلى "مصر الفرعونية".
وترجع تسمية "شم النسيم" بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية "شمو"، وهي كلمة مصرية قديمة .. وهو عيد يرمز – عند قدماء المصريين – إلى بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدء خلق العالم كما كانوا يتصورون.
وقد تعرَّض الاسم للتحريف على مرِ العصور، وأضيفت إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.
ومع دخول اليهودية إلى مصر، ثم المسيحية انتقل شم النسيم لينتشر الاحتفال به للعالم أجمع.
والبيض يرمز إلى خلق الحياة من الجماد، وصوَّرت بعض برديات منف الإله "بتاح" – إله الخلق عند الفراعنة - وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد، ولذلك فإن تناول البيض – في هذه المناسبة - يبدو وكأنه إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين.
وكانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلال من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم.
والسمك المملح أو "الفسيخ" تقديسا للنيل، أما البصل فقد ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض، فكانوا يعلقونه في المنازل وعلى الشرفات، كما كانوا يعلقونه حول رقابهم، ويضعونه تحت الوسائد، وما زالت تلك العادة منتشرة بين كثير من المصريين حتى اليوم.
وكان الخس من النباتات المفضلة في ذلك اليوم، وعُرِف منذ عصر الأسرة الرابعة، وكان يُسَمَّى بالهيروغليفية "عب"، واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة، فنقشوا صورته تحت أقدام إله التناسل عندهم.
ساحة النقاش