محمد عجم

 يُعرف بأنه الذراع الأيمن.. الصندوق الأسود.. أهل الثقة.. كاتم الأسرار.. الرجل الأول.

يلقبه المنتفعون والمتطلعون بـ«مفتاح الوزير»، أما بلغة السينما فهو «بتاع الوزير»..

تعددت الأوصاف والمنصب واحد.. مدير مكتب الوزير.. جسدته الدراما في شخصية «فتحي نوفل» (عادل إمام).. بطل رائعة وحيد حامد «طيور الظلام».. فهو الرجل المتواجد دائما عبر كل العصور، تسقط الأنظمة.. ويرحل الوزراء.. ويبقى فتحي.. «فتحي فتحي.. أوو.. أوو»!

فتحت تأثيره الأشبه بالمخدر، وطموحاته الإنتهازية، وكلماته المعسولة «أحلام ساعدتك أوامر»، يسلم السيد الوزير أمره لمدير مكتبه، ويرضى أن يكون له «ودن من طين وودن من عجين»، يسمع منه ويردد.. يوقع ويؤشر.. ينفذ ويلبي ما يمليه عليه.

للوهلة الأولى لسقوط وزير الزراعة، صلاح الدين هلال، في أيدي رجال الرقابة الإدارية، ومعه مدير مكتبه محي قدح، في قضية الفساد الكبرى بوزارة الزراعة، قفزت إلى ذهني صورة أيمن عبد المنعم، رئيس صندوق التنمية الثقافية، رجل الوزير فاروق حسني المدلل، الذي انتقل للعمل بمكتب وزير الثقافة بعد عدة مناصب بالوزارة المجلس الأعلي للآثار.

استطاع أيمن الفوز بثقة الوزير ليتولي الإشراف على المشروعات الكبري بمكتبه وقتها، وأهمها مشروع القاهرة التاريخية ومشروع إحياء القصور القديمة مثل قصر محمد علي بشبرا ومتحف الحضارة بالفسطاط، إلي أن عينه وزير الثقافة رئيسًا لصندوق التنمية الثقافية، ليتوقع له العاملون بالوزارة صعودا أكبر، حيث رشحه البعض لخلافة الدكتور زاهي حواس في المجلس الأعلي للآثار، بل ليحل مكان فاروق حسني نفسه إذا فاز برئاسة اليونسكو.

لكن رحلة الصود تحطمت على جدران الرشوة، وبعد أن قذفت به تقارير الرقابة الإدارية وتسجيلاتها إلى غياهب السجن.

أما محيي قدح، المتهم الثاني بقضية فساد الزراعة، فقد بدأ حياته باحثا بمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، ثم التحق بمكتب الدكتور أيمن فريد أبو حديد، ليعمل مديرا لمكتبه بمركز البحوث الزراعية، وعندما تولى الدكتور أبو حديد منصب وزير الزراعة، قام بتعيين قدح مساعدا له، وعلت الأصوات التي تقول إنه الوزير الفعلي في عهد أبوحديد، إلى أن جاء الدكتور عادل البلتاجى وزير الزراعة الأسبق ليطيح به.

سقط أيمن، وسقط محيي.. رغم اختلاف المناصب.. يتشابه الرجلان في الطموح، في التدليل، في رغبة الصعود، في الهاوية.. وأضيف إليها تشابها في الملامح، بطابع ريفي على وجهيهما.

لكن رغم ذلك، يبقى السؤال.. لماذا لا يتعلم السادة الوزراء؟

تقول التقارير التي انتشرت خلال الساعات الماضية أن محي قدح عندما جاء صلاح هلال وزيرا للزراعة، ذهب إليه قدح في قريته بكفر العمار، بمحافظة القليوبية، (مسقط رأس قدح أيضا)، واصطحب معه كاميرا وقام بتصوير وزير الزراعة الجديد بالجلباب وهو يصلى الجمعة، ثم قام بتوزيع هذه الصور على عدد من المواقع الصحفية المقربة منه، للترويج بأن الوزير الجديد يرتدى الجلباب، وأنه واحدا من الفلاحين..

تماما كمشهد «عاش رشدى الخيال نصير المبلولين وراعى الجفاف».. وهي الواقعة التي أسرت لب الوزير صلاح الدين، وجعلته يلبي طلب قدح في تعيينه مساعدا له.

الواقعة تلفت إلى أن الوزير عندما يخرج من وزارته لا يعود، لكن الفرصة أمام الحالمون والمشتاقون لمنصب مدير مكتب الوزير تكون قائمة، ينقصها فقط حنكة وحبكة، كي يعود من جديد ويواصل فصول رحلته الصعود مجددا. 

كما تقول التقارير أن هلال ترك نفسه لمساعده لينظم له كل الصفقات، فيما تعد الصورة الأشهر لهما، والمساعد يهمس فى أذن وزيره يملى عليه ما يقوله.. في مشهد لم تغفله السينما أيضا!

سجل فساد «قدح» يتسع ليطول علاقات مشبوهة مع رجال أعمال، والتكتم على مخالفات الأراضى الصحراوية، واستغلال علاقاته ومنصبه فى الوزارة في تعيين عدد كبير من أقاربه داخل مركز البحوث الزراعية وديوان عام الوزارة، حيث أن عائلة قدح منتشرة داخل وزارة الزراعة بدءً من فني إليكترونيات بالوزارة ومحامي يعمل بقطاع الإنتاج وتغذية المدارس بالوزارة، وباحث بالمعمل المركزي لمتبقيات المبيدات وشقيقته تعمل بقطاع الإنتاج بمركز البحوث الزراعية.

بل وصل الأمر أن اتهمته حملة مين بيحب مصر بالتورط فى قتل نقيب الفلاحين السابق محمد عبد القادر، لافتة إلى أن اسمه ورد ضمن المطلوبين للتحقيق في أوراق القضية .

...

كلمة أخيرة:

يقول فتحي نوفل للوزير رشدي الخيال: «إحنا ناس الباطل بتاعهم لازم يكون قانوني».

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1760 مشاهدة
نشرت فى 11 سبتمبر 2015 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,131,485

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟