مصر التي لم تغلق أبوابها

كتب_محمد سلامة

هل مصر أغلقت أبوابها يوماً أمام المحتاجين والهاربين من الظلم والجوع والعوز؟.. الإجابة القاطعة لا.

 .. "اللهم أنه أجاب دعوتى فبارك فيه وفى ذريته وأسكنه الأرض المباركة ( يقصد أرض مصر ) التي هي أم البلاد وغوث العباد التى نهرها افضل أنهار الدنيا وأجعل فيها أفضل البركات وسخر له ولولده الارض وذللها لهم وقوهم عليها"..  هذا دعاء سيدنا نوح الى ابنه بيصر بن حام أول من سكن مصر بعد الطوفان وكان مصر أكبر اولاده وهو الذي دل أبوه وجميع اخوته إلى مصر التي سميت باسمه فيما بعد .وفي مصر وقف سيدنا ادريس عليه السلام  بعد ان خرج من بابل هو ومن آمن به من قومه وسبح لربه امام النيل  بعد ان سائله قومه وهل سنجد بلداً مثل بابل وكانت مصر..  ومن مصر السيدة هاجر زوجة خليل الرحمن سيدنا إبراهيم علية السلام وام سيدنا اسماعيل عليه السلام والملقب بأبو العرب لذا يطلق المصريون على مصر لقب ام الدنيا نسبة إلي السيدة هاجر ام اسماعيل. وفي مصر كُرّم سيدنا يوسف عند عزيزها الذي أحسن مثواه وفيها التقى  بإخوته  بعد أن ضربهم القحط والجوع وجاءو الي مصر طالبين المدد والعون  وكلنا يعلم قصة يوسف وجاء سيدنا يعقوب معهم وطاب له المقام فيها إلى ان توفي  ولكنه لم يدفن فيها  اما يوسف فمات ودفن فيها ولكن نقلت رفاته الي الشام عند خروج موسى من مصر..

والى مصر جاءت السيدة مريم العذراء وابنها عيسى عليه السلام ويوسف النجارالذي هتفه ملاك بالحلم يدعوه إلى الذهاب لمصر  فراراً وهرباً من ملك اليهود هيردوث الذي كان يظن ان سيدنا عيسى سينازعه في ملكه فقام بذبح جميع اطفال بيت لحم من سن سنتين فأقل وكانت مدة رحلة العائلة المقدسة في مصر ثلاث سنوات ونصف شرفت بها بعض الاماكن التي أصبحت فيما بعد كنائس و أماكن للزيارة.

وأحب آل بيت رسولنا الكريم سيدنا محمد صلوات الله عليه  مصر واختاروها للإقامة فيها, وهذه نعمة أنعم الله بها علينا (أهل مصر) على مرِّ الزمان فحين ضاق المقام بالسيدة زينب بنت علي بن ابي طالب في المدنية بعد مقتل اخوها سيدنا الحسين بن علي  وطلب منها والي المدينة ان تختار مكان ترحل إليه بعيداً عن المدنية اختارت مصر بعد ان قالت لها ابنة عمها السيدة زينب بنت عقيل يا ابنة عماه، قد صدقنا الله وعده، وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء, فطيبي نفسًا وقري عينًا وسيجزي الله الظالمين, أتريدين بعد هذا هوانًا ؟ ارحلي إلى بلد آمن.

وقدمت السيدة الطاهرة  إلى مصر, ومعها السيدة فاطمة النبوية ابنة الإمام الحسين (عليه السلام) وأختها سكينة, ومكثت السيدة زينب في مصر عام واحد وتوفت ودفنت فيها..

كانت هذه صور سريعة لتكريم مصر ومكانتها منذ القدم وأبوابها المفتوحة فكانت ملاذ الهاربين من البطش والخوف وهجرة النبيين الداعين لعبادة الله ومقصد أصحاب الحاجات وكانت مصر حاضنه لهم بفضل دعوة سيدنا نوح لها ولكن هل في وقتنا الحالي وما نراه من بُعد مصر عن دورها الريادي والانساني في المنطقة العربية يجعلنا نغير ارائنا عنها خاصة مع  القيود المفروضة على تواجد اخواتنا السوريين بحثاُ عن الأمان الذي وعدنا الله به في قوله تعالى ( ادخلوها بسلام أمنين ) أعتقد وإن كان للإدارة الحالية بعض المبرارات في اتخاذ هذا المسلك الذي أضر بسمعة مصر فيجب عليها التفكير مرة اخرى ووضع مقام مصر نصب أعينهم فليست كل المشاكل تحل بطريقة أمنية فالشعوب لا تنسى من يقف معها ومن يخذلها.