كتبت_نيرة مصباح
فقط لأنني امرأة، يتوقعون مني أن أكتب عن الزهرات، و الدمعات، و الفراشات، و المطر و القمر و النجوم، و أن أزين أوراقي بالورود الصغيرة و القلوب الحمراء..أن أصف –لكن في حياء و بحدود- أحضان رجل أفتقده، أو عيني رجل يلهمني، أو قبلات أتمناها من رجل يعجبني، لكنني حين أمسك بقلمي و أحضر دفتري الصغير و أبدأ في الكتابة، أكتب عن الدم و الموت، أكتب عن فتاة مفتوحة الساقين بينما غرباء يقطعون من جسدها بحجة أنهم "يدركون مصلحتها"، أكتب عن القهر في صوره العدة.
أكتب متساءلة، أو صارخة: لماذا تكرهون صوتي و أفكاري؟ لماذا تستخدمون كل شيء في ضدي: شعري و جسدي و أحلامي و غشاء بكارتي؟ لماذا تعتبرونني ملكية عامة!؟
يقولون: اقرأي علينا يا فتاة بعضا مما تكتبين..أفتح أنا دفتري الصغير، أقلب فيه قليلا، أقلب نظري في الحضور، جميعهم ينظر لي بشغف، ينتظرون الكلمات العذبة الرقيقة التي حتما سأنطق بها، أبدأ أنا في السرد، تتحول البسمات علي وجوههم إلي عبوس، يحول البعض نظره عني، تضع أم يديها علي أذني ابنتها الصغيرة، البعض يبدو مصدوما أو مقززا، آخرون يعرفون انني أنطق بالحقيقة إلا أنهم يتمنون لو لم أقلها هكذا "في وجوههم".
بعد أن أنتهي من سرد كلماتي، أنسحب،أبتعد، أسير وحيدة ممسكة بدفتري الصغير بكفي الصغيرين، أحتضنه، و أبكي.
أنا بالفعل أشتاق لأحضان رجل أحبه، بالفعل أفتقد جدا عينيه، بالفعل احلم بقبلاته، كل ما هنالك أن الحياة لا تمهلني، أن الاحزان تحيط بي، ان الدموع و الدم يختلطان و يهطلان علينا كالامطار..أنا أريد أن أكتب عن حبيبي و عن سيرنا سويا متشابكي الأيدي، أريد أن أكتب عن الشروق و عن الغروب و عن عودة الغريب، عن الأمل و الحب و النور، أريد أن انظر للسماء فأراها جميلة و صافية،أن أسهر اطالع القمر فلا أمل منه أبدا، أريد أن أرقص حتي ينهك جسدي تماما فأسقط علي فراشي و أنام كالأطفال، أنا أريد كل ذلك لكن ما من ذلك يريدني!
دعوني أسير وحدي مع دفتري الصغير اذا، دعوني أحتضنه و أقبله و أسقط عليه من دموعي، و لا تلومونني علي ما أكتب، فلست أنا من اختزل الفتاة في غشاء، و لا أنا من فتح ساقيها عنوة لأختنها.
ساحة النقاش