كتبت_ إيمان قميحة
الاستثمار في أي دولة هو الأداة الجاذبة للعملات الأجنبية بالإضافة إلي الخبرات المختلفة فبالنظر إلي معدلات الاستثمار ما قبل الثورة نجد أن معدلات الاستثمار خلال الفترة من 2000 الي 2011 كالتالي:
حيث ارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من 509.4 مليون دولار في العام المالي 2000/2001 ليصل إلى 13.2 مليار دولار خلال العام المالي 2007/2008 ثم 8.1 مليار دولار خلال العام المالي 2009/2008 ثم 6.8 مليار دولار خلال العام المالي 2009/2010، وحقق 1.6 مليار دولار خلال الربع الأول من العام 2010/2011. وطبقاً لما ورد بتقرير الاستثمار العالمي الصادر عام 2010 عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأُنِكْتَاد)، احتلت مصر المركز الأول على مستوى شمال أفريقيا والمركز الثاني على مستوى القارة الإفريقية في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ولعل تلك الزيادة المطردة في الاستثمار الأجنبي رجع بالأساس إلي حالة الاستقرار الأمني والتسهيلات المقدمة من الحكومة المصرية آن ذاك وكان منها إصلاح النظام الضريبي وخاصة بتخفيض ضريبة الشركات من40% إلي 20%وإصلاح النظام الجمركي وتأسيس وزارة متخصصة (وزارة الاستثمار) منوط بها بتحسين مناخ الاستثمار وحفز الاستثمار الأجنبي المباشر وتطوير القوانين واللوائح ذات الصلة بالاستثمار.
وفي إطار برنامج الإصلاح تم تحرير قطاعات اقتصادية بالكامل – مثل القطاع الصناعي (باستثناء الصناعات الحربية)، القطاع المالي وقطاع الاتصالات، كما تم تسهيل إجراءات تسجيل وترخيص الاستثمارات الجديدة بعد استحداث "نظام الشباك الواحد" الذي خفض المدة المطلوبة لتسجيل الشركات من 193 يوم إلي أسبوع واحد، مع تبسيط إجراءات تسجيل الأملاك والأراضي.
ورغم كل الإصلاحات التي شهدها ذلك القطاع لم تكن نتائج تلك الإصلاحات ملموسة علي مستويات التشغيل والحد من البطالة وغيرها لأن المستفيد الأول منها كان رجال الأعمال والطبقة الحاكمه وخاصة مع الفساد الإداري المستشري في جميع القطاعات فكانت زيادة الاستثمار والعوائد منها تظهر كأرقام فقط علي الورق أكثر منها في البيانات الاقتصادية الملموسة عن البطالة والتضخم وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الملموسة التي يمكن أن يستشعرها المواطن المصري والتي تترجم في الدخل الذي يحصل عليه وينعكس في تحسن حالته المعيشية.
ولكن مع قيام ثوره 25 يناير اختلفت الأمور وتراجع الاستثمار في كل القطاعات الاقتصادية مثل البورصة والسياحة والاستثمار الأجنبي وقطاع العقارات ويمكن استثناء إيرادات قناة السويس من تلك التراجعات وبعيدا عن المحفزات الاستثمارية فكان السبب الأساسي في تلك التراجعات هو عدم وجود سياسة محدده بسبب تعاقب الحكومات خلال الفترة الانتقالية بالإضافة إلي تردي الحالة الأمنية.
وعند النظر إلي فترة حكم الإخوان نجد أن الإخوان لم يكن لهم خطه محدده للاستثمار وكانت الخطط تنحصر في فكره مشروع النهضة الذي كان بالأساس مشروع علي ورق بالإضافة إلي الصكوك الإسلامية التي لاقت رفضا شعبيا وتشريعيا متمثلا في دار الإفتاء المصرية بالإضافة إلي الخطط العدائية المتمثلة في تهجير رأس المال الأجنبي وكذلك فرض عقوبات علي رجال الأعمال مما أدي إلي هجرة كثير من رؤؤس الأموال والإجراءات التعسفية باسم القانون بالإضافة إلي فشل الجولات التي قام بها الرئيس المعزول(الدكتور مرسي) والتي كانت تسعي إلي جذب المعونات أكثر منها إلي جذب الاستثمارات بالإضافة إلي فشل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بسبب عدم وجود خطة استثماريه محدده.
و طبقاً لأرقام جهاز التعبئة والإحصاء، فقد انخفضت الاستثمارات الاجنبية والعربية في مصر خلال الفترة من يونيو 2012 وحتى يونيو 2013 الي أقل مستوياتها.. فبعد أن كانت الاستثمارات الاجنبية والعربية قد وصلت إلى 13.4 مليار دولار خلال عام 2009 انخفضت خلال عام 2012 لتصل إلى 2 مليار دولار ثم انخفضت خلال عام 2013 لتصل الي أقل من مليار دولار.
وبعد 30/6 والمحاولات لجذب الاستثمارات المختلفة ووقوف عدد من الدول العربية بجانب مصر ودعمها نجد أن المؤشرات الاقتصادية بدأت في الارتفاع علي مستوي القطاعات والاستقرار النسبي للدولار أمام الجنيه المصري ليستقر مابين 6.89 الي 7 جنيه تقريبا بالإضافة الي ارتفاع كبير في مؤشرات البورصة المصريه والعودة النسبية لقطاع السياحة بعد رفع عدد من الدول الحظر لمواطنيها للتواجد في مصر بسبب عدم استقرار الحاله الأمنية وكذلك الاعلان عن حزمه جديدة من القوانين للتحفيز الاستثمار ورفع التصنيف الائتماني للمصر وهو ما يعكس قدره الاقتصاد المصري علي التعافي.
إلا أنه يبقي المحفز الأساسي والأهم هو الاستقرار الأمني المرتبط بالاستقرار السياسي وأعاده هيكله القوانين بما يتناسب مع الظروف الحاليه وبشكل فوري وسد الثغرات القانونيه وأعاده جدوله التسويات المرتبطة برجال الأعمال والشركات الأجنبية بالإضافة إلي إعادة تقييم الأصول العامه وتحديد قواعد لتملكها بطريقه تحفظ قيمتها وتسهيل شروط الاستثمار بما لا يتنافى مع إدارة الدوله لأصولها والحفاظ علي سيادتها علي أرضها بالإضافة الي ضرورة تعديل قوانين العمل وهيكل الأجور في القطاع الخاص.
ساحة النقاش