كتب_ عمر سمير

لم أستغرب أبدا ما حدث للمحامى المصرى أحمد الجيزاوى بالسعودية وما يحدث لغيره في دول أخري بقدر ما تعجبت من ردود الفعل للأطراف المختلفة على الساحة السياسية المصرية بداية من صفحات مشهورة على الفيسبوك مرورا بوسائل الاعلام المضللة والمضخمة والمهيجة دون تدقيق أو بحث أو استحضار لأى قيم أو مصالح عليا للبلاد ، ومرورا بالمزايدات من الأطراف السياسية المختلفة التى يتصارع معظم رموزها على الظهور على الشاشات وصفحات الجرائد ، ووصولا إلى وزارة الخارجية التى ربما كانت آخر من يعلم وآخر من يتخذ موقفا ، وياليتها لم تتخذ .

قد يستغرب البعض كلماتى السابقة ولكن سلسلة الأحداث الجسام التى مرت وتمر بها مصر من حرائق كبرى فى المحافظات المختلفة مع كل اعتصام أو مظاهرة أو والتى هيجت الجميع على الجميع ولم تترك للعقل أى فرصة للتفكير فلسان حال الناس أصبح يقول : أى هيبة للقضاء بعد سلسلة فضائح هيئاته العليا بعد قضية التمويل الأجنبي؟ وأى حصانة لأى لجنة بعد اليوم ؟ وهل تحصن السلطة ضد الشعب أم ضد سلطة أخرى ؟ عندما يعمل قضاؤنا بالتليفون ويبرر لنفسه كل شئ تحت مسمى هيبة القضاء نقول وبحق ربنا أرنا اللذين أضلانا ( العسكر+ أجهزة الدولة الفاسدة وعلى رأسها القضاء بقوانينه وإجراءاته العقيمة )نجعلهما تحت أقدامنا، فالقضاء الذى يعذب المظلوم بإجراءاته وتعقيداته فى قضايا بسيطة ومحسومة كالمواريث ليظل أكثر من 10 سنوات يبحث عن حقه وينفق من جيبه الذى قطعه الغلاء والوباء ليس بقضاء عادل يستحضر كرامة المواطن .

لكل من يريد أن يفهم كرامة المواطن أقول أن كرامة المواطن فى مصر من كرامة المواطن فى العالم العربى ككل فعندما تعلم أن مواطن مغربى تم اعدامه  بسبب انه قال الله الوطن برسا بدلا من الله الوطن الملك وفى بلده وتحت مسمى سب الذات الملكية التى هى للأسف فى الدول المتخلفة تقترب من الذات الالهية فى التعظيم تتأكد أن حريتك وكرامتك لن تكتمل إلا بحرية وكرامة هؤلاء والمواطنون الليبيون والمصريون والسعويون وكل العرب لم يكونوا يقدرون على التفوه بشئ فيما يخص ملوكهم ورؤسائهم أقول لكل هؤلاء- ورغم قناعاتى بأن المصريين فى الخارج ليسوا ملائكة معصومين وبغض النظر عما حدث ولو ان النظر قاربنا على فقدانه من كثرة الغض عن المصايب وليس عن النساء- قبل ان تدعوا تطبيق الشريعة قولوا لنا  كم أعرابى تهجم على النبى وسط أصحابه وفى عز مجد دولته وبفظاظة لا يحتملها احد ؟ وماذا جرى لأى منهم ؟؟؟؟ وهل الذات الملكية أغلى من الذات النبوية  ؟؟

وأنقل رد أحد أصدقائي على الفيس بوك على هذه الأحداث "أقول للناعقين ممن يقدسون الاثارة لا نريد تخريبا لعلاقاتنا بأحد ولو فيكم حد ليه اخ فى السعودية مكنش قال ربع اللى اتقال وهناك فرق بين الجماهير والحكومات والتعميم عمى ومش عايزين ماتش مصر والجزائر تانى، وأقول لوزارة الخارجية -الحمد لله أننى لست موظفا فيها كنت حسيت بالعار-لو بتعاملى المصريين على أنهم بدون مكنتيش سكتى كده وأبسط فعل كان ممكنا أن تعينى محامى مصرى لهذا الرجل وكان ممكن يطلع بالتليفون وإن كان مجرم فليذهب إلى الجحيم وإن كان مظلوم فلننتصر لكرامة المواطن، ولكن هذه القضايا تستخدم للاثارة والتهييج حسب الطلب فقط ويذهب المواطن وجسده وكرامته وأهله إلى الجحيم. فليس معقولا ان تقبل حكوماتنا بأن تظل عمالتنا تحت رحمة الكفيل الذى يمثل التعاقد معه عقد عبودية ربما أقل تطورا من عقود الجاهلية ثم تأتى لتقول لك على لسان وزير خارجيتها ندافع عن كرامة المواطنين فى كل مكان كرامة المواطن وهيبته أفعال وليست أقوال ."

لسنا أكثر فقرا من بنجلاديش واندونيسيا الذين عودوا السعودية ودول الخليج على ردود قاسية على كل اساءة لعمالتهم دون مبرر داخل تلك الدول ، وليس عمالنا أقل كرامة من عمالهم ، عمالنا هؤلاء هم من استمروا فى دعم اقتصاد بلادنا ورغم توقف ما يسمى بعجلة الانتاج لعقود طويلة وليس أثناء الثورة فقط إلا أن تحويلاتهم لم تتوقف بل ازدادت ، وأدعوا كل ناعق بكرامتهم فى مواجهة الخارج فقط أن يزور مطارا فى صعيد مصر ويرى كيف يعامل هؤلاء المهاجرون وأهاليهم فى المطارات فقد كنت فى مطار سوهاج الذى يسمى بالدولى الأسبوع الماضى ولاحظت أنه ليس به مكان انتظار لذوى الركاب واهاليهم وبالتالى يمكن لك أن تنتظر فى عز الحر أكثر من47درجة فى الصيف والبرد أقل من 8 فى الشتاء خارج المطار لساعات منتظرا أحد أقاربك فأى كرامة وأى هيبة للمواطن هنا ،ونظرة متأنية أيضا على أرصفة السكة الحديد وبالذات رصيف 11 فى محطة مصر (رمسيس) وأحوال القطارات وركوب لــ8 ساعات مرشحة لأن تكون 10 ساعات حتى سوهاج أو 12مرشحة لأن تكون 18 حتى أسوان لأن القانون الوحيد الثابت فى السفر فى مصر " أن السفر تساهيل " ونظرة على المواطن الستينى أو الثمانينى الذى يجرى خلف الأوتوبيس ليلحقة فيظل واقفا طيلة الطريق إن لم يظل واقفا عليها ونظرة على طوابير الخبز ومعارك البنزين والبوتاجاز توضح لك أن حكوماتنا لا تعاملنا كمواطنين بل بدون وياليتنا حصلنا بدون الكويت. 

عندما تقارن اهتمام الاعلام الرسمي باستشهاد أحد أفراد الشرطة مثلا بمقتل أكثر من ألف مواطن في ثورة يناير على أيدي رجال الشرطة، وتري كيف أن أجهزة الدولة كلها تنتفض لمقتل شخص واحد ولا تهتز شعرة لمقتل الآلاف منذ ثورة يناير وحتى الآن، وتري مهرجان البراءة للجميع فى قضايا القتل والفساد المالي والإداري، فلتخبرني أين هي هيبة وكرامة المواطن فى وطن لايصح فيه أن تكون مواطن وفقط بل إما مواطن ذوجاه وسلطان أو حشرة تصعق وخلاصة القول أن كرامة وهيبة المواطن من كرامة وهيبة الدولة .

shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 960 مشاهدة
نشرت فى 26 سبتمبر 2013 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,120,383

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟