كتب :هانى كشك
أصبح الفيس بوك بديلاً عن الجرائد و الصحف اليومية فأنت من خلاله تتابع كل ما هو جديد و على أكثر من موقع .. أهميته جعلتني أتعجب كيف للصحف و الصحفيين أن تتكسب رزقها فلا أحد يشتري جريدة فكل الأخبار بضغطة واحدة نعرفها و كل المقالات نقرأها بسهولة و دون اي تكلفة و لكن ما جعلني بالفعل أتعجب هو ذلك الأختلاف الرهيب في التعليقات على الأخبار و المقالات و الذي يصل أحيانًا إلى السب و القذف و ترديد شتائم من المفترض أنها ليس سمة من سمات من يبحث عن المعرفة .
اي خبر مهما اختلف تصنيفه سياسي أو رياضي أو فني يكفي أن يكون اي قاريء مختلف مع موضوع الخبر أو المحرر أو الكاتب بل يكفيه أن يكون مختلفًا مع أحد القراء مثله في الرأي و الذي علق على الخبر مثله تمامًا و هذا الأختلاف يعطيه الرغبة على أن يسلك إتجاه الهجوم بالسباب.
حتى الصفحات التي تهتم بالأدب و القصة و الرواية يكفي أن يذكر أحد القراء تجربته مع قراءة وراية لكاتب معين له إتجاه سياسي معروف ( الرواية لا تمت لأتجاهه السياسي بأي صله ) أو أن يكون الكاتب ليس على هوى عضو اخر بالصفحة .. حتى هؤلاء المثقفين المهتمين بالقراءة لم يسلموا من هذا الداء السخيف فيسارعوا الى إبداء رأيهم بطريقة تخرج عن نص الذوق و الأخلاق .. بعض الصفحات تضطر إلى إلغاء البوست عندما يتطور الحوار إلى مناطق غير محترمة بل إن بعض الصفحات تقوم بطرد أحد أعضاءها لأنه تجاوز في الرد .
حينما أتتبع مثل هذى التعليقات أشعر بأسى ويثير ذهني مجموعة من الأسئلة كيف لمجتمع يرفض الأختلاف في الرأي أن يتقدم ؟ لماذا لا يعلق كل شخص مختلف بطريقة محترمة ؟ بل ما الذي أستفاده هذا الشخص الذي يسب و يشتم مما فعله ؟ ما هو الحل ؟
أنظر إلى هؤلاء أنهم مجموعة من المساكين و ضيقي الأفق و يفسدون علينا متعة الأستفادة من الاراء المختلفة و يجذبون المجتمع إلى حالة من التطرف فليس التطرف فقط أن تقتل أو تفجر مبنى و لكن ايضًا هؤلاء من وجهة نظري يدخلون إلى طائفة المتطرفين في الرأي .. لقد أفسدوا علينا مقولة أن الأختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية و جعلوها من المثاليات التي لا قيمة لها في حين أن الأساس هو الأختلاف و ليس الأتفاق و انك كإنسان لن تستفيد إذا تحاورت مع من يتفق معك في الرأي و ستشعر انك تسمع نفس الكلام الذي تفكر فيه و لن يضيف لك هذا الشخص الذي يتفق معك في كل شيء اي قيمة جديدة لعلقلك وستشعر بأن الحوار كان ممل جدًا ..
إقرأ كما شئت و أختلف كما شئت و علق كما شئت و لكن بطريقة راقية و لا تنسى أننا خلقنا ليكمل كلا منا الأخر لا ليلغيه لمجرد اختلافه معه في الرأي فحافظ على الود حتى ولو لم تكن تعرف من تعلق له على الخبر سواء كان عضو مثلك في احدى الصفحات أو كاتب فما كتب شيء إلا لتقرأه و يقرأه غيرك فلا تفسد علينا هدوء العالم الاليكتروني و يكفينا كبشر ما نجده في جوانب اخرى في حياتنا من ضوضاء و فوضى.
ساحة النقاش