كتبت / هايدي أحمد

من ايام الصبي

كنت جالسة في بيتي عندما فجاة جاءني  احساس ان اكتب اشياء كنت افتقدتها مع الزمان و المرض........ افتقد نفسي ايام الصبي !!!!!!

حلمت يوما بان روحي طائرة في السماء...بين ملكوت الرب و كل شئ تحت  في الارض ليس له معني ..هكذا كان احساسي في الحلم ....كان بنسبة الي حلم غريب استيقظت منه و انا خائفة و قلبي يرتعش ..كنت لازلت صغيرة

 و فجاة اصوات الغارة تعلو كاي يوم نعيش فيه في مصر المحروسة ..مرة او مرتين في اليوم...فاذا بي و اخواتي نركض الي والدنا  ثم ننزل الي بادرون العقار  ثم ما يلبس ان تنتهي الغارة .... فيبدا الرجال و الولاد  يتكلمون عن الانجليز و حال المقاومة و سعد زغلول ..... هكذا كانت حياتنا في ذلك الوقت ..... كان اخي الكبير دائما يقول ان الانجليز ( مش هيسيبوا مصر ابدا ).....

و لكن رغم هذا الكلام كان هناك نداء داخلي  انهم في يوم سوف يغادرون و سوف تكون مصر لنا ......

كنت في ذلك الوقت في المرحلة الاعدادية  في مدرسة رهبات و كنت دائما احب ان اجلس مع استاذة اللغة الفرنسية الاستاذة مديحة ......

كانت في هييئتها و طريقة كلامها تشعر انها من الهوانم و السيدات المثقفة رغم انهم كانوا   عددهم قليل في هذا الوقت في مجتمعنا و لكنها كانت من هؤلاء.....

فهي كانت تحبني و كانت تحب ان تحكي لي ماذا يدور حولي في المجتمع و في مصر المحروسة ....و رغم صغر سني و لكني كنت متشوقة ان اعرف كل شئ .....و اصبح مثلها بليغة اللسان و مثقفة وانسانة تفهم معني الوطن و معني  الحقوق و الواجبات  كنت اراها كامي التي افتقدها , كنت اشعر بالدفئ عند مجالستها....

كانت الاستاذة مديحة تعرف ان امي توفاها الله منذ امد بعيد و اني انا و اخواتي كنا نعيش مع والدنا  نسكن في حي السكاكيني ...

و حي السكاكيني  لازال جزء من قلبي و ذكريات طفولتي و اصدقائي ....

كانت ايام جميلة ان نتذكرها بعد كل هذه السنين ....

 دائما كنت اشكو من اشتياقي لامي  و ابكي في وحدتي و لكن الاستاذة مديحة كانت دائما بجانبي ... فهي من علمتني كيف ان اكون قوية و لا اياس و لا استسلم ...علمتني كيف ان اواجه الحياة في ظل مجتمع يري المراة ليس لها اي حقوق غير انها تخدم زوجها  و بالعكس للزوج  اوالرجل  فله الحق ان يفعل مايريد دون ان يساله   احد...... كنت اتمني اليوم الذي من الممكن ان التحق فيه بمدرسة الحقوق ....

فالمجتمع كان من وجهة نظر استاذة مديحة مجتمع فاسد العقل حتي ان العقول  القيمة امثال محمد عبده و قاسم امين تتم محاربتها كل يوم.... كبرت و اصبحت افهم ان علي النضال من اجل ان اخذ حقي و حق بلدي المغصوب .... و هكذا كنت افكر ايام الصبي الجميلة ....و لكني الان و قد نسي الدهر اني مازالت حيه فيه لم امت بعد..... الان و انا امرأة علي مشارف الستين من العمر ... كل ما اتذكره ان ابي رفض ألتحاقي  بالجامعة ....

و رغم دفاعي عن حقي و حق اخواتي البنات و لكنه صمم علي موقفه ....كاننت اراءه غريبة بنسبة الي  .... و لكنها لم تكن بنسبة للمجتمع.... كان اقناعه ان البنت ليس لها غير منزل زوجهاو خدمته  و تريبة الابناء احسن تربية ...... كنت اشعر باني  ليس لي اي قيمة في وجهة نظره غير اني جسد بلا روح بلا عقل..... و لكن بعد طيلت هذا السنين شئ واحد لم يفارقني و هو من ساعدني علي البقاء  (الكتاب ) كان الصديق المقرب  و كان و لازال الشئ الوحيد الذي اختاره بنفسي .....

و بعد كل احلام الصبي ..زوجني ابي زيجة حكي عنها اهل السكاكيني ايام و ليالي من رجل يكبر مني بعشرة سنين ..كنت يومها كالعروس الذاهبة الي قبرها...لم اكن اتخيل ان ابي الذي يحبني اكثر من اي احد في هذه الدنيا يفعل بي هذا......

هكذا انتهت قصتي مع الاستاذة مديحة منذ يوم زفافي علي هذا الرجل الذي لم احبه يوما ....

و انتهت احلامي مع اول خطواتي خارج بيت ابي...

هكذا كنت احلم  ان اكون طير طائر في السماء لاشئ يهمه في هذه الارض .....

shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 854 مشاهدة
نشرت فى 25 نوفمبر 2013 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,134,313

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟