لا أعلم من أين أبدأ ولا عن أى شىء بعينه أتحدث أنما أتكلم عن ذلك الصراع الذى اصبح يوميا بداخلى يصارعنى يوما بعد يوم ولا أعرف ان كنت سوف استطيع التغلب عليه والوقوف إلى التفسير الذى يريحنى أم أتركه يكمل حتى يتخلص هو منى وتنتهى المعركة ، انه ذلك الصراع المتداخل المتشابك شديد التعقد الذى يحتوى على أكثر من شعبة كل منها تحتوى على ملايين الأسئلة وكل سؤال له أكثر من أجابة بل مئات الأجابات وهل فى النهاية انها حقا اجابات ام انها اسئلة ليس لها اجابات على الأطلاق .
كيف يمكن لى أن اتحمل ذلك الشخص الذى يوميا يستيقظ مبكرا للذهاب للعمل وفى النهاية يصل للعمل متأخرا أحيانا بسبب الأستيقاظ متأخرا قليلا و أحيانا أخرى بسبب المواصلات والزحام الشديد و أكثر الأحيان بسبب بعدم الرغبة فى الذهاب للعمل أصلا لعدم أقتناعه بذلك العمل من الأساس ولكنه يمنى نفسه بالصبر لحين يجد فى القريب العاجل العمل الذى سيحبه من كل قلبه ذلك العمل الذى لا شك فى حرمته ويستفاد منه خبره و ترقى فى الوظيفة ومالا يكفيه ويستطيع به أن يخدم الوطن وكل طوائف المجتمع ويرضى به الله ويشاركه ذلك الشعور كل من حوله فى العمل دون الشك انه يفعل ذلك من أجل منفعة من شخص أو ليقضى مصلحة له ويتعاون الجميع بكل حب لرفع مستوى ذلك العمل ، هل ذلك العمل موجود فى الحقيقة أم أنه مجرد حلم كالمدينة الفاضلة ؟!
بعد الثورة مباشرة أحس انه سوف يقبل على الدنيا بوجه جديد ولابد له أن يستمر فى ذلك العمل مصداقا لقول العامة يجب أن تجد عمل أخر قبل أن تترك عملك الحالى كما أنه لا يصح لك أن تتركه وتجلس فى المنزل منتظرا عملا أخر ونسى الجميع أن الأرزاق بيد الله تعالى وهو أيضا أقتنع بتلك النصيحة وساعدته ظروف الثورة على ذلك حيث لا يوجد وظائف الان والكل يحافظ على مكانه فى وظيفته بسبب وقوف عجلة الانتاج كما يدعون و أيضا لان الفساد العام فى البلد قد تم السيطرة عليه بقيام الثورة التى لم يشارك فى بدايتها لتصديقه بما كان يقال فى التلفاز بأنهم مجرد عملاء ومخربون للبلاد وعلى أية حال فاق بعد ذلك وشارك ولكنه فوجىء بأن ذلك الفساد الذى ظن أنه سقط وجده فى عمله اليومي الذى يواظب عليه كل يوم ولم يتأثر فساد مؤسسته بتلك الثورة وبقى الوضع كما لو لم تكن هناك ثورة فى البلاد ، هل هى ثورة بالفعل أم أنها أيضا حلم عاشه الجميع ؟ أم أنها بالفعل ثورة ولكنها بدأت فى القمة ولم تصل إلى قاع كل مؤسسة وهيئة فى البلد ؟ وهل لابد من عمل وقفات أحتجاجية وعمل أضراب فى كل مؤسسة للمطالبه بالتطهير أم أنها غير مناسبة فى الوضع الحالى ؟ والأهم من ذلك من سيقف معك فى ذلك الأحتجاج فى ظل أن الجميع فى تلك المؤسسة يسعى وراء لقمة العيش والظهور بعدم التمرد حتى لا يضيع فى الأرجل ؟!
أستمر كالعادة فى العمل وفي جدوله الوظيفى اليومى الذى أبعده عن كل شىء حتى أهل بيته لم يعد يراهم إلا مرتين فقط مرة فى الصباح ومرة حين العودة حتى أيام الأجازات الأسبوعية تتطلب ظروف العمل أن يرجع إلى وظيفته ليخفف ضغط العمل اليومى فى الأسبوع المقبل ونسى أصحابه فلم يعد يراهم كما كان من قبل لوصوله متأخرا كل يوم ولأنه يأتى منهك ويريد أن ينام مبكرا ليبدأ يوم جديد من الملل المتواصل و أصبح لا يعرف أى شىء عن أخر مستجدات الثورة إلا عن طريق الأخبار السريعة على الأنترنت أو إذا شاهد التلفاز صدفة حتى وصل به الحال أنه بدأ يشعر بأن تلك الأحداث التى يشاهدها من أعتصامات وحرق وقتل المتظاهرين الأبرياء كأنها فى بلد أخر أو كأنها مشاهد أسرائيلية على أرض فلسطين المحتلة ولا شىء بيده ليفعله هل ينزل ويشارك كما فعلها متأخرا وسط تخوف أهله عليه عند علمهم بذلك ؟ أم يغلق التلفاز سريعا ليستطيع أن يمسك ببضعة ساعات قليلة لينام ويهرب بذلك النوم عن كل شىء حوله ؟!
أصبح ينتابه من جديد ذلك الحلم الذى دوما ما حلم به أيام المخلوع وقبل الثورة وهو الهجرة والسفر من تلك البلد التى لا فائدة منها حتى وإن عاش مع أناس لا يعرفهم ولا يتكلم لغاتهم وليسوا على دينه ولكنهم يجمعهم هدف واحد وهو الرقى بالوطن دائما وأحترام الأنسان وتقدير ما يبذله من عمل فى حين أنه يعلم أن شهادته العليا الحاصل عليها من بلده لا تساوى أى شىء هناك وأنه سوف يمر بأحلك الظروف والشعور بوحدة أصعب من وحدته التى يعيشها فى وطنه الذى مازالنا نحفر أساسه العميق ليعلو ويعلو مستقيما مرتفع الرأس برغم ما تشهده الثورة من معوقات ، هل يتنظر فى دائرته المغلقة التى يدور حول نفسه فيها حتى يصاب بالدوار ولا يستطيع الرؤية ويصبح جزءا من الفساد المحيط به ؟ أم أقدم على حلمى القديم فى خطوة السفر والتى لا يعلم عواقبها إلا الله.
" عندك قصة أو مشكلة وعايز تعرضها ؟ أبعتهالنا على الإيميل وأحنا هنرد عليك "
ساحة النقاش