كتب : محمود المنياوي

قد لا يحفظ أسمي ولكنى كنت أعشق اسمه وأتباهى به أمام أصدقائي من الكليات الأخرى.. 

قد لا يعرفني ولكنى كنت أعتبره مثالا أعلى يجب الاحتذاء به، لا أعرف ربما ساقت الأقدار خطواتي إلى طريق يُصًعب عليً الأمور، ففي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية كانت رموزا كنا نفخر كطلبة بهذه المؤسسة التعليمية الراقية أننا نتلقى العلم داخل قاعات الدرس على أيديها،.. الدكتور مصطفى كامل.. الدكتور معتز عبد الفتاح.. الدكتورة هبه رءوف.. الدكتور سيف الدين عبد الفتاح.. الدكتورة باكينام الشرقاوي.. الدكتور حازم حسني وغيرهم كثير أسماء لامعة في مجال العلوم السياسية والإدارة والتخصصات المختلفة، لم تكن تظهر على شاشات التلفزة حينها ولكنها كانت تشع في قلوبنا أملا وحياة، نفخر أن علقياتنا تشكلت على أيديهم وتعلمنا منهم الأخلاق والفضائل قبل أن يحدثونا عن نظريات العلوم السياسية ومفكريها.

كنت ولوقت قريب للغاية أفخر وأرفع رأسي وأنا أتحدث وأري أستاذتي يغزون المشهد السياسي ويحللون الأوضاع ويتناقل القاصي والداني أفكارهم لحل الأزمات والبدء في طريق الديمقراطية.. كنت وكنت..

لكن الآن بدا لي أني أناقض نفسي إذا ما تظاهرت مجددا بهذا الفخر بين حبي لأساتذتي وفضلهم عليّ وبين واقع أراه مناقضا لتصرفات  بعضهم إبان النظام السابق وتعاملهم مع النظام الجديد، كنا حينها لا زلنا ندرس في قاعات حملت أسماء عظام كعبد الله العريان ابن الكلية المحكم السابق بمحكمة العدل الدولية، وكنا نستمع بإنصات لحديث دكتورنا سيف الدين عبد الفتاح عندما كان ينتقد نظام مبارك بكل موضوعية وحياد وبأسس علمية لا علاقة لها بالضغائن أو المصالح وكنت على المستوى الشخصي أحفظ هذه الانتقادات عن ظهر قلب.

وعندما كنت أعود لمنزلي بمحافظة المنيا أذكرها أمام أهلي وأقاربي وانتقد النظام بقوة فكان والدي يخشى عليّ من النظام لكن أمي كانت تفرح بي، هكذا كان أستاذي يؤثر فيّ لم يكن يخشى في الحق لومه لائم وإبان الثورة كان كثير من أستاذي في قلب ميدان التحرير ولم يخش احد منهم الموت في سبيل الوطن لقد كانوا ولا يزالون يعطوننا دورسا في العطاء والمبادئ والسياسة التي تبنى على الأخلاق والعلم.

وليس لي الحق أن ألوم أستاذي فهو أستاذي معلمي ولا استطيع أن أُنصب نفسي حكما على من علمني كيف أتحدث كيف أكتب كيف أكون إنسانا يفكر وابتعد بعقلي إلى أحلام التمدن الإسلامي والديمقراطية والتنمية وأحلاما لبلادي علمني كيف أقرا الشعر في حب الوطن علمني أن استمع لأغنيات بلادي تصب فيّ الأمل صبا.. أن للوطن رموزا نقتدي بها وللدولة وظيفة رمزية عبر مفكريها ومبدعيها عبر فنها وأغانيها عبر ثقافتها وكتبها عبر شبابها وشباتها، لكني أعتقد أن لي الحق أن أعاتب أستاذي..

أستاذي الجليل حزنت كثيرا عندما فكرت ولو لحظة ولا أعرف كيف تطرق لي هذا الخاطر، أنك يا أستاذي بعد أن أصبحت مستشارا للرئيس الدكتور محمد مرسي لم تعد.. لا أعرف.. ولكني كنت بصراحة شديدة انتظر أن أرى أستاذي يزور أهالي أطفال أسيوط ولم أره، كنت أنتظر أن يتحدث أستاذي كما كان يحدثنا بقاعات الدرس إن الحوادث تنبه عن مشكلات كبيرة والمشكلات الكبيرة تحتاج لسياسات كبيرة وطويلة المدى لإصلاحها وليس التنصل من مسئوليتها وإلقائها على عاتق عامل بسيط.. كنت انتظر أن النظام الجديد المنتخب الديمقراطي الثوري سيتعامل باختلاف مع مشكلاتنا خاصة أن أستاذتي يجلسون مجلس قريب من صانع القرار ولو كان مجلسا استشاريا..

انتظرت أن يدافع أستاذي عن وحدة الدولة وعن حقوق الفقراء وعن عدم تقسيم بلادنا بين مؤيد ومعارض لا أعرف فكنت انتظر أشياءً ولم أرها.. كنت أتمناها ولا أعرف ما يجري في الخلفية ولكن آمالي وطموحاتي بدا أنها تتراجع وبدا أنني أخشى الآن ولا اعرف السبب أن أقول أن أستاذي مستشارا للرئيس في حين كنت أفخر بأستاذي حين كان مجرد أستاذا دكتورا لا يملك منصبا غير منصبه العلمي الرفيع.

اعتذر لك أستاذي لأني وضعت آمالا على عاتقك وقد تكون بعيدة عن قدرتك أو تفوفها..       

 

 

shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1267 مشاهدة
نشرت فى 2 ديسمبر 2012 بواسطة shababwenos

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,036,501

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟