كتبت- علياء سعيد :

على عكس الحكم القضائي الذى فاجأ المصريين بـ"براءة" جميع المتهمين فى قضية "موقعة الجمل"؛ جاء حكم الجمهور ومن قبلهم النقاد على فيلم "بعد الموقعة" بـ"الإعدام"!!

هذا الحكم اعتبره الكثير من النقاد حكما عادلا على فيلم جاء مخيبا للآمال؛ خاصة وأنه من إخراج يسرى نصر الله الذى يعتبر من صناع السينما الجادة القلائل فى مصر الآن.

"بعد الموقعة" يتناول أحداث "موقعة الجمل" في إطار درامي من خلال الفتاة ريم "منة شلبي" وهى ناشطة سياسية تعمل فى إحدى شركات الإعلانات وتقرر النزول إلى الشوارع لإجراء بحث ميداني لكشف ما يحدث في الواقع، وتقابل محمود "باسم السمرة" الذي يعاني من الفقر والقهر وتنشأ بينهما قصة حب؛ كما يستعرض الفيلم المرحلة الانتقالية التى تعيشها مصر عقب الثورة.

الإساءة للثورة

الفيلم وجهت إليه العديد من الانتقادات الموضوعية والفنية؛ أولها وجهها له الجمهور بأنه تعمد الإساءة لثورة يناير، من خلال اظهار ناشطة سياسية فى صورة خليعة ومنحلة فى علاقة شبه جنسية مع أحد "خياّلة" نزلة السمان؛ وهو ما اعتبره مخرج الفيلم وبطلته أمرا بسيطا من الوارد أن يحدث بين أى اثنين بغض النظر عن كون البطلة تجسد دور ناشطة سياسية ومتظاهرة أو غير ذلك؛ فهى فى النهاية إنسانة قد يكون لديها عواطف ومشاعر تجاه أى شخص!.

وكعادة أى مخرج وقع فى مأزق رفض الجمهور لفيلمه لتدني مستواه الفني أو لاقحامه مشاهد جنسية دون ضرورة فنية لذلك؛ ربط نصر الله بين هدف الفيلم وتطلعات الجمهور السياسية - على الرغم من أن أحداث الفيلم لا تحمل أية أبعاد مما ذكرها نصر الله فى دفاعه- حيث قال نصر الله فى عدة لقاءات تليفزيونية له أن الفيلم هدفه الأساسى رصد أحداث موقعة الجمل والـ 18 يومًا التى قضاها المتظاهرون فى الميدان.

ولفت إلى أن هدف الفيلم هو إلقاء الضوء على المتآمرين على الثورة سواء من أهالى "نزلة السمان" برعاية الحزب الوطنى، أو ممن يرشون المواطنين بالسكر والزيت لانتخابهم من التيارات الاسلامية؛ وليس كما فهم الجمهور بأن يظهر النشطاء السياسيين لا يحترمون قيم المجتمع أو يظهر الخيالة المتورطين فى أحداث موقعة الجمل ضحايا غرر بسبب فقرهم واحتياجهم للمال.

اعتراف نصر الله

ولأن دائما ما يتهم صناع السينما الجمهور بالسطحية والنظر للأعمال الفنية بسوء النية وعدم التعمق فى المغزى الحقيقى والأهداف السامية التى يهدف إليها العمل؛ عززت مآخذ النقاد على الفيلم آراء الجمهور المتواضعة؛ خاصة بعد أن جاءت مشاركة فيلم "بعد الموقعة" فى الدورة 65 لمهرجان كان السينمائي بشكل شبه شرفي؛ وافتخار صناع الفيلم وعلى رأسهم يسرى نصر الله بأن الوقوف على عتبات "كان" شرف يكفى أي فنان أو مخرج مصرى حتى وإن خرج الفيلم المشارك بدون أي جائزة أو حتى التفات الجمهور والنقاد؛ وهو ما اعتبره البعض اعتراف رسمى من نصر الله بأن الفيلم لا يرتقى للحصول على جائزة، وعلينا الاكتفاء بشرف المشاركة بـ"كان".

مونتاج إسرائيلي للموقعة

ولم تبدأ أزمات فيلم "بعد الموقعة" عقب عرضه بدور السينما من خلال اعتراض الجمهور على الإساءة للثورة والنشطاء السياسيين؛ أو هجوم النقاد على تدني مستوى الفيلم فحسب؛ بل بدأت أزماته منذ الإعلان عن مشاركة المنتج اليهودي جورج بينامو في عمليات المونتاج والطبع والتحميض للفيلم, وما أثير عن حق بينامو بعرض الفيلم فى إسرائيل؛ الأمر الذى نفاه المخرج يسرى نصر الله بشدة مؤكدا أن حقوق عرض الفيلم بإسرائيل كذب وإدعاءات تهدف إلى الاساءة للعمل وتشويهه قبل عرضه جماهيريا؛ مشيرا إلى أن الفيلم إنتاج مشترك بين مصر وفرنسا؛ وشارك المنتج اليهودي جورج بينامو فيما يتعلق بالمونتاج والطبع والتحميض فقط، لكن تكلفة التصوير والأجور كانت لشركة "دولار فيلم"، وبذلك يكون الشريك المصري يملك أكثر من 65 % من الفيلم.

كما كشف نصر الله عن أن نص تعاقده مع الشركة الموزعة للفيلم اشترط موافقة الجانب المصري على عرض الفيلم في إسرائيل، مشدداً على أنه لن يقبل أبدا بذلك مهما كانت الضغوط الظروف، ورفض ما تعرض له من انتقادات بدعوى التطبيع مع اسرائيل.
...
لتلك الأسباب، جاء الحكم على فيلم "بعد الموقعة" بـ"الإعدام"، وهو ما يعني "استئناف" ردود الفعل التي تصاحب أي أعمال سينمائية أو درامية تتطرق إلى الثورة، متهمة إياها بالتعجل والتسرع، وتكون النتيجة "توقيع أقصى عقوبة" يمكن توقيعها على العمل.. بالسقوط الفني وخسائر الإيرادات.

فيديو..تريللر "بعد الموقعة":


http://www.youtube.com/watch?v=_b0CTwQF1pw

 

المصدر: شباب ونص
shababwenos

شباب ونص - مجلة ثقافية وشبابية

  • Currently 2/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
2 تصويتات / 1508 مشاهدة

ساحة النقاش

Shababwenos

shababwenos
بنفكر في اللي بتفكر فيه، وبنقولك اللي محدش مهتم بيه.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,118,118

ما الطريقة السليمة لغسل اليد؟