كتب- محمود محسن
رحلة بسيطة هي.. لا تحتاج إلى كثير من الأوراق الرسمية أو الإجراءات الروتينية فقط بعضا من اليأس.. قليلا من الحظ العاثر، مزيدا من التعقيدات المجتمعية، وكثير من جلسات المقاهي.. تلك هي الشروط الواجب توافرها فيمن يريدون اللحاق بالطائرة المتجهة إلى هناك في رحلة قد تحمل في طياتها الكثير من الألم والعذاب، محمد أسامة شاب مصري شارف على منتصف الثلاثينات من عمره.. لا يزال يبحث عن عمل.. تخرج من جامعة مرموقة وحصل على شهادة جامعية لكنه يعمل الآن بشكل مؤقت كـ.. مبيض محارة..
نظرة المجتمع
محمد، عندما تخرج من كلية الهندسة وحمل شهادة تفيد بأنه في العام 1997 أصبح مهندسا كيميائيا، بدأ يحلم برغد العيش وتحقيق أحلامه التي طالما راودته أثناء الدراسة وما قبلها ويقول محمد،: "مثلي مثل بقية زملائي في الدراسة كنا نحلم بالتفوق والتخرج والحصول على عمل مناسب والعمل على خدمة البلد".. ويتابع محمد ربما بإستهزاء: "لكن شيئا من هذا تحقق، فكما تراني أعمل الآن في التركيبات ولكن ليست التركيبات الكيميائية لكن تركيب الألوان والمعجون والدهان.. لكي أحصل على لقمة عيش تستمر بها حياتي وحياة أسرتي".
قلق من المستقبل
يتابع محمد بقلق: "لدي الآن ولدان لا أعرف هل اهتم بتعليمهما مهنة مفيدة كمبيض دهان أو مبيض محارة أم اهتم بالصرف على دراستهما حتى يتخرجا ولا يجدان فرصة عمل مثل والدهما ويشقيان في الحياة وأكون أنا السبب في الشقاء.. بعد تخرجي بحثت كثيرا عن عمل لكن لأن معظم مجالات عمل تخصص المهندس الكيميائي تنحصر في مصانع أو شركات بعينها مثل شركات البترول وغيرها كنا نجد صعوبة في إيجاد فرصة عمل خاصة مع وجود الوسطى والمحسوبية وبعد فترة ليست بالقصيرة ونظرا لظروفي المادية اضطرت للعمل في مجال المعمار وشيء بشيء أصبحت مبيض المحارة هي مهنتي كما تري حتى أنني لم أعد أتذكر أني مهندسا إلا عندما أنظر بغير قصد لشهادتي المعلقة على الحائط ربما لتزيينه فقط!".
رضا بالمقسوم
وبالرغم من الظروف الصعبة التي واجهها محمد إلا أن نظرة الرضا لم تفارقه ويقول: "الحمد لله على كل شيء، في النهاية كل شيء بأمر بيد الله ورغم تجاهل الدولة والحكومة لكن في مصريين كتير على هذا الحال وفي ناس مؤهلات عالية وشغالين في مهن بسيطة هي ظروف المجتمع كدا وأنا راضي والحمد لله".
الهجرة إلى إسرائيل
وبالرغم من نبرة الرضا في صوت محمد إلا أن أيام البحث واليأس لم تمنعه من التفكير في أشياء كثيرة ويتابع: "أثناء بحثي عن عمل وبعد سنوات طويلة من البحث والبحث وكنت أعمل حينها كعامل في أحد الفنادق وعرض علي صديق لي فكرة الهجرة والبحث عن عمل بالخارج وقال لي إن تخصصنا مطلوب في.."إسرائيل".. ويتابع: "تحت ضغط الظروف واليأس فكرنا بجدية في الأمر وكنا يجب أن نذهب لبلد آخر ومنه إلى إسرائيل لكي نجد فرصة عمل هناك بعد أن رفض وطننا وضعنا في مكان مناسب.. وبالرغم من جديتنا في البداية لكننا تراجعنا عن الأمر وقبلنا الحياة كما هي وحزنا كثيرا لأن مجتمعنا جعلنا نفكر مجرد تفكير في هذا الأمر".
ساحة النقاش